{يَتَرَبَّصْنَ} أي ينتظرن {بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ذكر العشر مؤنثة لإرادة الليالي، والمراد مع أيامها عند الجمهور، فلا تحل حتى تدخل الليلة الحادية عشرة، يعتددن بترك الزينة والطيب النقلة على فراق أزواجهن هذه المدة، وهذا الحكم شمل الزوجات المدخول بها وغير المدخول بها بالإجماع، إلا أن يكن حوامل فعدتهن بوضع الحمل، كما تقدم، وكانت عدة الوفاة في الابتداء حولاً كاملاً، ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر.
قال الوزير وغيره اتفقوا على أن عدة المتوفى عنها زوجها ما لم تكن حاملاً أربعة أشهر وعشر، ولا يعتبر فيها وجود الحيض إلا ما روي عن مالك، وقال ابن القيم تجب عدة الوفاة بالموت دخل بها أو لم يدخل بها، لعموم القرآن والسنة واتفاق الناس، وليس المقصود من عدة الوفاة استبراء الرحم ولا هي تعبد محض، لأنه ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة يعقله من عقله، ويخفى على من خفي عليه، وقيل إذا طلع فجر الليلة العاشرة، وقال: الصواب أنها لا تنقضي حتى تغيب شمس يوم العاشر.
وقيل حكمة التقدير بهذه المدة والله أعلم أن الولد تتكامل خلقته وينفخ فيه الروح بعد مضي مائة وعشرين يومًا، وهي زيادة على أربعة أشهر بنقصان الأهلة فجبر الكسر إلى العقد على طريق الاحتياط وأما الأمة فعدتها نصف عدة الحرة، لأن الصحابة أجمعوا على تنصيف عدة الأمة في الطلاق، فكذا عدة