وأخبر أن من تعدى حدوده فقد ظلم نفسه وفي الصحيح "إن الله حد حدودًا فلا تعتدوها، وحرم محارم فلا تنتهكوها" ثم قال تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *}.
(وقال) تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ} أي أوامره ونواهيه {فَلَا تَقْرَبُوهَا} أي فلا تأتوها {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ *} أي يتقون تلك الحدود فينجون من العذاب، وقال الشيخ: معنى حدود الله أي معصية الله فليست الحدود المقدر فيها حد، بل المحرمات لأن حدود الله محارمه.
(وعن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: حد يعمل به الأرض) أي يقام على من استوجبه (خير لأهل الأرض من أن يمطروا) أي أنفع من ذلك (أربعين صباحًا) وذلك لئلا تنتهك حقوق الله (رواه أحمد) والنسائي وابن ماجه، وللطبراني نحوه من حديث ابن عباس بلفظ "حد يقام في الأرض بحقه أزكى من مطر أربعين صباحًا" فدل على الترغيب في إقامة الحدود ووجوب تنفيذها، ولا تجب إقامتها: إلا على بالغ عاقل ملتزم أحكام المسلمين عالم بالتحريم، ولا يقيمها إلا الإمام أو نائبه، ليؤمن الاستيفاء من الحيف، ولا يحد الخليفة ولو لقذف، لأن الحد له وإقامته إليه دون غيره، ولا يمكنه على نفسه، ويقتص ويؤخذ بالمال لأنهما من حقوق العباد، ويستوفي ولي الحق إما بتمكينه أو الاستعانة بمنعة المسلمين.