عليه) ولمسلم «إن سرق بيضة قطعت يده، وإن سرق حبلاً قطعت يده» وذلك أنها لما خانت هانت، وإن كانت في باب الجنايات بخمسمائة دينار، فإنها لما كانت أمينة كانت ثمينة وذلك من حكمة الله تعالى والمصلحة ففي باب الجنايات ناسب أن تعظم، لئلا يجني عليها، وفي باب السرقة ناسب أن يكون القدر الذي تقطع فيه ربع دينار، لئلا يسارع الناس في سرقة الأموال، فاحتاط الشارع للموضعين، للأموال والأطراف، وظهرت الحكمة في الجانبين، وكان في ذلك صيانة من الطرفين، قال الشافعي رحمه الله:
هناك مظلومة غالت بقيمتها ... وههنا ظلمت هانت على الباري
فدل الحديث على أنها تقطع يد السارق في نحو البيضة والحبل، إذا بلغت قيمته ربع دينار فصاعدًا وفيه تحقير شأن السارق وتهجين فعله، وتعظيم ما جني على نفسه وخسارة ما ربحه من السرقة، بما تقل قيمته، وأنه إذا تعاطى هذه الأشياء الحقيرة، وصار ذلك خلقًا له، جرأه على سرقة ما هو أكثر من ذلك مما يبلغ قدره أضعاف أضعاف ما قدره الشارع.
(ولهما عن ابن عمر) رضي الله عنهما (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن) بكسر الميم وفتح الجيم الترس، أي أمر بقطع سارق مجن (قيمته ثلاثة دراهم) وفي لفظ لهما عن عائشة: لم تقطع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في ثمن مجن حجفة أو ترس، فالمعتبر قيمته، وفي لفظ ثمنه ثلاثة دراهم، ولعله لتساويهما في ذلك