للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهر السلاح في البنيان أو الصحراء فواحد، هو قول مالك، والمشهور عن الشافعي وأكثر أصحاب أبي حنيفة، بل هم في البنيان أحق بالعقوبة منهم في الصحراء، لأن البنيان محل الأمن والطمأنينة، لا محل تقاتل الناس وتعاديهم، وإقدامهم عليه يقتضي شدة المحاربة والمغالبة، لأنهم يسلبون الرجل في داره جميع ماله، والمسافر لا يكون معه غالبًا إلا بعض ماله، وهذا هو الصواب، لا سيما هؤلاء المتحزبون.

ولو حاربوا بالحصى والحجارة المقذوفة بالأيدي والمقاليع ونحوها، فهم محاربون أيضًا، فالصواب ما عليه جماهير المسلمين، على أن من قاتل على أخذ الأموال بأي نوع من أنواع القتال فهو حربي، وقال: وإذا كان يقتل سرًا لأخذ المال، مثل أن يجلس في خان يكري لابن السبيل، وإن انفرد في قوم منهم قتلهم وأخذ أموالهم، أو يدعو إلى منزله من يستأجره لخياطة، أو طب ونحو ذلك فيقتله، ويأخذ ماله.

قال: وقد يكون ضرره أشد، لأنه لا يدري به، ولأن القتل بالحيلة كالقتل مكابرة، وكلاهما لا يمكن الاحتراز منه، وذكر أنه أشبه بأصول الشريعة، قال تعالى: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الفساد ضد الصلاح والإفساد يطلق على أنواع: منها أخذ المال ظلمًا، حتى قال كثير من السلف: قبض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض، وقيل نزلت في المشركين وقيل في الحرورية، وقيل غير ذلك، وقال ابن كثير:

<<  <  ج: ص:  >  >>