للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطع يده ورجله من خلاف، فيكون هذا أشد تنكيلاً لأمثاله {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} إن أخافوا السبيل، ولم يأخذوا ما لا يبلغ نصاب السرقة، وشردوا متفرقين، فلا يتركون يأوون إلى بلد حتى تظهر توبتهم، وهذا مذهب الجمهور إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وتمام الآية (ذلك) أي الذي ذكر تعالى من الحدود {لَهُمْ خِزْيٌ} شر وعار وذلة وهوان وفضيحة {فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *}.

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} أما من الشرك فظاهر، وأما المحاربون المسلمون فإذا تابوا من قبل القدرة عليهم، فإنه يسقط عنهم انحتام القتل، والصلب وقطع الرجل، والجمهور واليد، وعليه عمل الصحابة، فإن عليًا أمن ابن بدر، وأبا موسى أمن المرادي، في زمن عثمان، وأبا هريرة قال في علي الأسدي: لا سبيل لكم عليه؛ ولكهم جاءوا تائبين قبل القدرة عليهم، أما من تاب بعد القدرة عليه فلا يسقط عنه شيء قال الشيخ: اتفق العلماء على أن قاطع الطريق واللص ونحوهما، إذا رفعوا إلى ولي الأمر ثم تابوا بعد ذلك لم يسقط الحد عنهم، بل تجب إقامته وإن تابوا، وإن كانوا صادقين في التوبة.

فاستثناء التوبة قبل القدرة عليهم فقط، فالتائب بعد القدرة عليه باق فيمن وجب عليه الحد للعموم والمفهوم والتفصيل ولئلا يتخذ ذريعة إلى تعطيل حدود الله إذ لا يعجز من وجب عليه الحد أن يظهر التوبة ليتخلص من العقوبة وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>