تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - والرضا بما فيهما لهما وعليهما {فَإِنْ بَغَتْ} تعدت {إِحْدَاهُمَا} أي التي صدر منها البغي، وأبت الإجابة إلى حكم كتاب الله {عَلَى الْأُخْرَى} أي التي لم تبغ {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} على الطائفة الأخرى {حَتَّى تَفِيءَ} الباغية {إِلَى أَمْرِ اللهِ} حكم الله عز وجل {فَإِنْ فَاءَتْ} رجعت إلى الحق، ورضيت بحكم الله {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} بحملهما على الإنصاف وقيده ههنا بالعدل لأنه مظنة بالحيف.
فإن الناصح المصلح لما تقاتل مع الباغي، ربما ثار غضبه، فحين الإصلاح قد لا يراعي العدل، فيحيف على إحدى الطائفتين إن قاتلها، ثم قال تعالى {وَأَقْسِطُوا} أي اعدلوا بينهما فيما أصاب بعضهم لبعض، بالقسط وهو العدل {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} العادلين في الأمور ثم قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} في الدين والولاية {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} إذا اختلفا واقتتلا {وَاتَّقُوا اللهَ} ولا تعصوا أمره {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
فأوجب تعالى على المؤمنين قتال الباغين، وأجمع على ذلك الصحابة وجماهير العلماء، وقالوا يجب على الإمام أن يراسل البغاة فيسألهم عما ينقمون منه، إذ هو الطريق إلى الصلح، فإن ذكروا مظلمة أزلها، وإن ادعوا شبهة كشفاها لهم، ليرجعوا إلى الحق، ولا يجوز قتالهم قبل ذلك، إلا أن يخاف كلبهم، فإن كان ما ينقمون منه مما لا يحل أزاله، وإن كان حلالاً لكن التبس عليهم، فاعتقدوا أنه مخالف للحق بين لهم دليله، وأظهر لهم وجهه، كما فعل علي