جمعهم، واجتمعت به كلمتهم، وحاطهم من عدوهم، (فمات فميتته جاهلية) أي منسوبة إلى أهل الجهل، والمراد به من مات على الجهل قبل الإسلام، وهو تشبيه لميتة من فارق الجماعة بمن مات على الكفر، بجامع أن الكل لم يكن تحت إمام.
فإن الخارج عن الطاعة كأهل الجاهلية، لا إمام له، ولمسلم من حديث أبي هريرة "من خرج عن الطاعة، وفارق الجماعة، ومات فميتته جاهلية" أي حالته في الموت كموت أهل الجاهية على ضلال، وتقدم الدليل على وجوب طاعة أولي الأمر، وهو يقتضي تحريم الخروج عليهم، وهذه الأحاديث وما في معناها دليل على أنه إذا فارق الجماعة، ولم يخرج عليهم ولا قاتلهم أنا لا نقاتله لنرده إلى الجماعة، ويذعن للإمام بالطاعة، بل نخليه وشأنه، لأنه لم يأمر - صلى الله عليه وسلم - بقتاله، بل أخبر عن حال موته، وأنه كأهل الجاهلية، ولا يخرج بذلك عن الإسلام، وقال علي للخوارج: كونوا حيث شئتم وبيننا وبينكم أن لا تسفكوا دمًا حرامًا، ولا تقطعوا سبيلاً، ولا تظلموا أحدًا، فإن فعلتم نفذت إليكم بالحرب؛ ولم يقاتلهم رضي الله عنه حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدم الحرام.
(ولأبي داود) وغيره أنه قال: (من فارق الجماعة شبرًا) تنبيه بالأدنى على ما فوقه (فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) وللترمذي: "من فارق الجماعة شبرًا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه".