من العلم الذي علمكم الله، وذلك أنه إذا أرسله استرسل، وإذا أشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه، ولا يمسكه لنفسه، فهذه ثلاثة أشياء إذا وجدت فيه كان معلمًا إذا أشلي استشلى، وإذا زجر انزرج، وإذا أخذ الصيد أمسكه ولم يأكل فمتى كان كذلك {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} من الصيد فالجارحة المعلمة إذا خرجت بإرسال صاحبها، فأخذت الصيد وقتلته كان حلالاً.
ثم قال تعالى:{وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ} أي عند إرساله، فيقول: بسم الله، ويسن والله أكبر؛ كما بينته السنة فالتسمية شرط حالة الذبح، وفي الصيد حالة إرساله الجارحة، أو السهم فمتى كان معلمًا وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله حل الصيد وإن قتل بالإجماع وقال الوزير: اتفقوا على أن من شرط تعليم سباع البهائم أن يكون إذا أرسله استرسل وإذا زجره انزجر.
واشترط الجمهور ترك الأكل ولم يشترط مالك واتفقوا على أن سائر الجوارح سوى الكلب لا يعتبر في تعليمه ترك الأكل مما صاده، وإنما تعليمه هو أن يرجع إلى صاحبه إذا دعاه؛ قال الشيخ والتحقيق أن المرجع في تعليم الفهد إلى أهل الخبرة، فإن قالوا إنه من جنس تعليم الصقر بالأكل لحق به وإن قيل إنه يعلم بترك الأكل كالكلب لحق به، وإذا لحق بالكلب بعد تعلمه، لم يحرم ما أمسك من صيده، ولم يبح ما أكل منه