فإن الكفارة لا تجب إلا بعد الحنث {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} أي لا تحلفوا، أو إذا حلفتم فلا تحنثوا، وإذا حنثتم فلا تتركوها بغير تكفير.
والمراد حفظ اليمين عن الحنث إذا لم تكن يمينه على ترك مندوب، أو فعل مكروه، فإن حلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب فالأفضل أن يحنث نفسه ويكفر، كما تقدم، وكما سيأتي {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ} يوضحها {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
قال ابن القيم: إذا حلف ليفعلن كذا، فهو حظ منه لنفسه، وليس إيجابًا، ولكن عقد اليمين ليفعلن فأباح الله له حل ما عقده بالكفارة، وسماها تحلة، وليست رافعة لإثم الحنث.
(وعن عبد الله بن سمرة) رضي الله عنه (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها، فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك متفق عليه) وفي لفظ "فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير" ولمسلم من حديث عدي " إذا حلف أحدكم على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه، وله من حديث أبي هريرة نحوه، ولهما من حديث أبي موسى " لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها" وفي لفظ "إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني" ولأبي داود وغيره "فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير".