وهذه الأحاديث وما في معناها دالة على أن الحنث في اليمين أفضل من التمادي، إذا كان في الحنث مصلحة، ويختلف باختلاف حكم المحلوف عليه، فإن حلف على فعل واجب أو ترك حرام، فيمينه طاعة، والتمادي واجب، والحنث معصية، والعكس بالعكس، وعلى فعل مستحب، فالتمادي مستحب، والحنث مكروه، وعلى ترك مندوب فالعكس.
وقال الوزير: اتفقوا على أن الكفارة تجب عند الحنث في اليمين على أي وجه كان، من كونه طاعة أو معصية أو مباحًا وأجمعوا على أن اليمين المكفرة المنعقدة هي أن يحلف بالله على أمر في المستقبل أن يفعله ولا يفعله، وإذا حنث وجبت عليه الكفارة، وقال أبو حنيفة ومالك في اليمين الغموس: لا تكفر لأنها أعظم من أن تكفر، وهو إحدى الروايتين عن أحمد واختاره الشيخ.
واليمين الغموس هي الحلف بالله على أمر ماض متعمد، الكذب فيه، ولفظ "ثم ائت الذي هو خير" يدل على وجوب تقديم الكفارة، والجمهور على الاستحباب وإجزائها قبل الحنث، إلا الصوم فبعده، وقال القاضي عياض: اتفقوا على أن الكفارة لا تجب إلا بالحنث، وأنه يجوز تأخيرها بعد الحنث.
وذكر بعضهم لها ثلاث حالات، أحدها قبل الحلف فلا تجزئ اتفاقًا ثانيها بعد الحلف والحنث، فتجزئ اتفاقًا وثالثها بعد الحلف وقبل الحنث، والجمهور على الاستحباب كما تقدم،