وإن كانت التسوية بين الخصمين ممكنة، بأن يقعد أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله أو أحدهما في جانب المجلس والآخر في الجانب الآخر جاز، وفيه مشروعية التسوية بين الخصمين لأنهما لما أمرا بالقعود جميعًا على تلك الصفة، كان الاستواء في الموقف لازمًا لهما، وفي قصة على تخصيص بالمساواة بين المسلمين، دون المسلم والكافر.
(وعن أم سلمة) رضي الله عنها (مرفوعًا: من ابتلي بالقضاء بين المسلمين، فليعدل بينهم في لفظه) ولحظه ودخولهما عليه (وإشارته) فلا يخص أحدهما دون الآخر (ولا يرفع صوته على أحد الخصمين) ليكون ذريعة إلى انكسار قلب الآخر (رواه الدارقطني) وأبو يعلي (وفيه ضعف) فإن في إسناده عباد بن كثير وهو ضعيف، ويشهد له ما تقدم.
وقال ابن القيم: نهى - صلى الله عليه وسلم - عن رفع أحد الخصمين عن الآخر، وعن الإقبال عليه، وعن مشاورته، والقيام له دون خصمه، لئلا يكون ذريعة إلى انكسار قلب الآخر، وضعفه عن القيام بحجته، وثقل لسانه بها، ولا يتنكر للخصوم، لما في التنكر لهم من إضعاف نفوسهم، وكسر قلوبهم، وإخراس ألسنتهم عن التكلم بحججهم، خشية معرة التنكر، ولا سيما لأحدهم دون الآخر، فإن ذلك الداء العضال.