للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقهاء الأمصار وعداه الفقهاء بهذا المعنى إلى كل ما يحصل به تغير الفكر كالجوع والعطش المفرطين، وغلبة النعاس، وسائر ما يتعلق به القلب تعلقًا يشغله عن استيفاء النظر.

وظاهر النهي التحريم، وحمله الجمهور على الكراهة، لكونه مظنة لتشويش الفكر، فقد يفضي إلى الخطأ، وليس بمطرد مع كل غضب، مع كل إنسان، أما إن أفضى إلى عدم تمييز الحق من الباطل، فلا خلاف في تحريمه، وإن لم يفض إلى هذا الحد فأقل أحواله الكراهة، وخصه بعضهم بما إذا لم يكن لله، لأن الغضب لله يؤمن معه التعدي، وإن خالف الحاكم فحكم في حال الغضب، فمذهب الجمهور صحة حكمه، وإن وافق الحق لأنه - صلى الله عليه وسلم - قضى للزبير بعد أن أغضبه الخصم، وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم فلا يؤثر.

(وعن) عبد الله (بن الزبير) رضي الله عنهما (قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم) فدل على وجوب تسويته بينهما في مجلسه، إذا ترافعا إليه رواه أحمد وأبو داود والبيهقي، وفي إسناده مقال و (صححه الحاكم) وروي عن علي رضي الله عنه أنه جلس إلى جنب شريح في خصومة له مع يهودي، وقال: لو كان خصمي مسلمًا جلست معه بين يديك؛ وفيه أيضًا مشروعية الجلوس بين يدي القاضي، إعزازًا للحكم الشرعي، وقال ابن رشد أجمعوا على أنه واجب

<<  <  ج: ص:  >  >>