استخرجت جريها، أمره تعالى بمشاورتهم تطييبًا لقلوبهم فإن ذلك أعطف لهم عليه، وأذهب لأضغانهم، فإن سادات العرب كانوا إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم، ولذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث، ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه، كما شاورهم يوم بدر وأحد الحديبية واستشار عليًا وأسامة في فراق عائشة رضي الله عنها وغير ذلك، ولابن مردويه سئل عن العزم فقال: مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم وقال: المستشار مؤتمن، وإذا استشار أحدكم أخاه فليشر
عليه.
وقالت عائشة: ما رأيت أحدًا أكثر استشارة للرجال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدلت الآية وفعله - صلى الله عليه وسلم - على سنية مشاورة ولي الأمر، وكذا القاضي ذا الرأي، وأهل العلم فيما يشكل، وسؤالهم إذا حدثت حادثة، ليذكروا رأيهم وأجوبتهم وأدلتهم، وإن اتضح للقاضي الحكم حكم وإلا أخره حتى يتضح له الحق.
(وعن أبي بكرة) رضي الله عنه (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحكم بين اثنين وهو غضبان) لأن الحكم حالة الغضب يحصل بسببه من التغير ما يختل به النظر، بل الغضب يشوش عليه قلبه وذهنه، ويمنعه من كمال الفهم، بل يحول بينه وبين استيفاء النظر، ويعمي عليه طريق العلم والقصد، وحيث أنه لا يستوفي الحكم على الوجه منع منه (متفق عليه) وهذا مذهب