في مدة حياته، بل يدفع الكتاب مختومًا، ويأمر بدفعه إلى المكتوب إليه، وهذا معلوم بالضرورة لأهل العلم بسيره وأيامه، وفي الصحيح "ما حق امرئ، مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" ولو لم يجز الاعتماد على الخط، لم يكن لكتابة وصيته فائدة، فدلت كتبه - صلى الله عليه وسلم - المستفيضة وكتب الخلفاء والأمراء والقضاة والعمال وغيرهم بعضهم إلى بعض على قبول كتاب القاضي إلى القاضي، لدعاء الحاجة إليه، وأجمعت عليه الأمة في الجملة.
وليس اعتماد الناس في العلم إلا على الكتب، فإنه لو لم يعمل بما فيها تعطلت الشريعة حتى قال الشيخ: الأمراء الذين يستدينون ما يحتاجون إليه، ويكتب الأمير خطه لصاحبه، أو يقيده وكيله أو نائبه في دفتره، أو يقرض دراهم وكل ذلك بغير حجج ولا إشهاد، ثم يموت فكل ما وجد بخط الأمير أو أقر به كاتبه أو وكيله في ذلك، فيجب العمل بذلك لأن خطه كلفظه، وإقرار وكيله فيما وكل فيه مقبول، فلا تحتاج أصحاب لحقوق إلى بينة، لأن في ذلك ظلمًا للأموات، وخروجًا عن العدل المعروف.
وقال الوزير: اتفقوا على أن كتاب القاضي إلى القاضي من مصر إلى مصر، في الحقوق التي هي المال أو ما كان المقصود منه المال، جائز مقبول واتفقوا على أنه في الحدود والقصاص، والنكاح والطلاق والخلع غير مقبول، إلا مالكًا، وقال الشيخ: