لوضوح الحق وظهوره بها، وتكون بشاهد فأكثر، وتارة بشاهد ويمين الطالب، وتارة بامرأة فأكثر، وتارة بشاهد الحال، وتارة بعلامات يصفها المدعي، وتارة يختص بها أحدهما، وتارة شبهًا بينًا وتارة قرائن ظاهرة، وتارة بنكول وغير ذلك، فإن البينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهره، وقد نصب تعالى عليه علامات وأمارات تدل عليه وتبينه.
قال ابن القيم: فمن أهدر الأمارات والعلامات بالكلية، فقد عطل كثيرًا من الأحكام وضيع كثيرًا من الحقوق، وعلى المدعي أن يظهر ما يبين صحة دعواه، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له به، ويرجع باليد العرفية، إذا استويا والحسية أو عدمها، وإذا كانت العين بيد أحدهما فمن شاهد الحال معه كان ذلك لوثًا، فيحكم له بيمينه (قال تعالى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} يتمنون ويشتهون مهما طلبوا من جميع أصناف الملاذ في الجنة، فعموم الآية يؤخذ منه جواز دعوى من له شيء بيد غيره، فإن الدعوى لغة هي الطلب، ولا تصح الدعوى إلا من جائز التصرف، قال الشيخ، ولا تقبل بما يناقض إقراره إلا أن يذكر شبهة تجري بها العادة.
(وقال) تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} أي بالمعروف، وكلما يعرفه الشرع، قال ابن القيم: وقد أوجبت الشريعة الرجوع إلى العرف عند الاختلاف في الدعاوي، وذكر أن مذهب أهل المدينة من أسد المذاهب وأصحها فيها، وهي عندهم على ثلاث