مراتب الأولى: دعوى يشهد لها العرف بأنها مشبهة، أي تشبه أن تكون حقًا، مثل أن يدعي سلعة معينة بيد رجل أو غريب وديعة أو مسافر أنه أودع أحد رفقته، والمدعي على بعض أهل الأسواق المنتصبين للبيع أنه باعه منه واشترى، وما أشبه ذلك، فهذه تسمع، وله أن يقيم البينة على مطابقتها، أو يستحلف المدعى عليه.
والثانية أن يدعي على رجل عينا في ذمته، أو على رجل معروف بكثرة المال، أنه اقترض منه، أو على رجل أنه باعه بثمن في ذمته، ونحو ذلك فهذه تسمع، ولمدعيها أن يقيم البينة على مطابقتها، قالوا: ولا يملك استحلاف المدعى عليه على نفيها إلا بإثبات خلطة بينه وبينه، والثالثة: أن يكون رجل حائزًا الدار، متصرفًا فيها السنين العديدة، وينسبها إلى نفسه، وإنسان حاضر يراه، ويشاهد أفعاله فيها، ولا يعارضه ولا مانع من مطالبته، ولا بينه وبينه قرابة، ولا شركة في ميراث، وما أشبه ذلك مما يتسامح فيه القرابات ثم جاء يدعيها لنفسه.
فدعواه غير مسموعة أصلاً فضلا عن بينته، لأن كل دعوى يكذبها العرف، وتنفيها العادة فإنها مرفوضة غير مسموعة واستدلوا بقوله تعالى:{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} وأوجبت الشريعة الرجوع إلى العرف عند الاختلاف في الدعاوي، كالنقد وغيره، كالدار بيد حائزها المدة الطويلة، وليس ذلك خلاف العادات، فإن الناس لا يسكتون على ما يجري هذا