وهذا دليل ظاهر على استقرار وجوبه عند أصحاب النبي – - صلى الله عليه وسلم - ومعلوم أن كل أمر لا يتخلف عنه إلا منافق لا يكون إلا واجبًا على الأعيان. قال شيخ الإسلام وهو المشهور عن أحمد وغيره من أئمة السلف وفقهاء الحديث وغيرهم. ولأحمد وغيره مرفوعًا "الجفا كل الجفا والكفر والنفاق من سمع منادي الله ينادي إلى الصلاة فلا يجيبه" وثبت حديث "يد الله على الجماعة فمن شذ شذ في النار".
وسئل حبر الأمة عبد الله بن عباس عن رجل يقوم الليل ويصوم النهار ولا يحضر الجماعة فقال: هو في النار. ومن قال من الأئمة إنها سنة. فمؤكدة لتصريحه بتأثيم تاركها وسقوط عدالته وتعزيره وأنه لا رخصة في تركها إلا لعذر للأخبار فوافقونا معنى بل صرح بعضهم بأنها سنة مؤكدة وأنهم أرادوا بالتأكيد الوجوب أخذًا بالأخبار الواردة بالوعيد الشديد على تركها.
وقال النووي وطوائف من اتباع الأئمة: الجماعة مأمور بها للأحاديث الصحيحة المشهورة وإجماع المسلمين. وذكر الوجه الثالث أنها فرض عين وأنه قول للشافعي واثنين من أكابر أصحابهم المتمكنين في الفقه أبي بكر بن خزيمة وابن المنذر وغيرهما. وأن من خالف ذلك فليس له دليل مقاوم أدلة وجوبها. وقال الشافعي وأما الجماعة فلا أرخص في تركها إلا من عذر، ذكره المزني.