عورض بحديث ضعيف. وقال الترمذي لا يصح فيه شيء. وهؤلاء الذين قالوا إن هذه الأمور تفطر لم يكن معهم حجة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما ذكروا ذلك بما رأوا من القياس. وأقوى ما احتجوا به "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما".
ولايجوز إفساد الصوم بهذه الاقيسة لوجوه: منها أن الأحكام الشرعية بينتها النصوص. وليس فيها ما يدل على إفطاره بهذه. ومنها أن الأحكام لا بد أن يبينها الشارع ولو كانت هذه مما يفطر لبينه كما بين الإفطار بغيرها. فلما لم يبين ذلك علمنا أنه من جنس الطيب والبخور والدهن. وهي مما يتقوى به البدن. وقد كان المسلمون في عهده يجرح أحدهم مأمومة وجائفة فلو كان يفطر لبينه لهم.
ومنها أن إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون صحيحا وليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر الذي جعله الله مفطرا هو ما كان واصلا إلى دماغ أو بدن. وما كان واصلا من منفذ أو وصلا إلى الجوف ونحو ذلك من المعاني. التي يجعلها أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عن الله ورسوله. وإذا لم يكن للحكم بهذا دليل كان قولا بلا علم وذكر أن من نشق المال بمنخريه ينزل غلى حلقه وجوفه. فيزول العطش ويطبخ الطعام كما يحصل بشراب الماء. وليس كذلك الكحل والحقنة. ومداواة الجائفة والمأمومة. فإن الكحل لا يغذي. وكذا الحقنة.