للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقى من وقتها مالو اشتغل بادائها فاته الحج قالوا ليس له تركها ولا ان يصليها صلاة شدة الخوف على الاصح لانها أفضل من الحج ووقتها مضيق والحج موسع بالعمر ومن اخلاق العامة عظيم انكارهم على المفطر في رمضان من غير عذر وتركهم النكير على تارك الصلاة وليسا في التغليظ سواء ومن اخلاقهم أيضا انكارهم على تارك الجمعات ولا ينكرون على تارك الجماعات وشأنهما واحد وما أجدر تارك الصلاة بأن يجنب مساجد المسلمين ومحاضرهم الكريمة ويستقذر مواكلته ومناكحته ويبكت ويقرع ويعرف سوء حاله وانه مباح الدم فربما ينزجر عن ذلك الناس يعترفون فيها بذنوبهم أو من العرف وهو الطيب أقوال (قالوا ليس له تركها) بل يصلي وان فاته الحج وهذا ما قال الرافعي في الشرح والمحرر وقرره النووى في المنهاج (ولا ان يصليها صلاة شدة الخوف على الاصح) لانه طالب لافار فلا يقاس عليها وصحح الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد انه يصليها كذلك وبقى في المسئلة وجه ثالث لم يذكره المصنف وهو وجوب تأخير الصلاة ليدرك الحج وهذا الوجه هو الذى رجحه الامام النووي في الروضة وقال انه الصواب وجزم به القاضي حسين في تعليقه وجرى عليه ابن الرفعة والاسنوي وغيره من المتأخرين وهو المعتمد وذلك لان قضاء الحج صعب بخلافها وقد عهد تأخيرها للجمع وتجرى الاوجه كما قال الجزري وغيره في الاشتغال بانقاذ غريق وصلاة على ميت خيف انفجاره (ووقتها مضيق والحج موسع بالعمر) هذا عند النووي وموافقيه منقوضة بأنه اذا فاته الحج يضيق عليه قضاؤه (وليسا في التغليظ سواء) وان كان ترك كل منهما كبيرة بدليل القتل بتركها (الجمعات) بضم الجيم والميم جمع جمعة بضم الميم واسكانها وفتحها وحكي كسرها وكانوا في الجاهلية يسمونها عروبة والسبت شبارا والاحد أوّل والاثنين اهون والثلثاء دبارا والاربعاء جبارا والخميس مؤنسا قال الشاعر

أؤمل ان أعيش وان يومي ... بأول أو بأهون أو دبار

أو الثاني جبار فان أفته ... فمؤنس أو عروبة أو شبار

(وشأنهما واحد) أى من حيث ان التسامح بالجماعة يدل على قلة المبالاة بالفضائل والا فليس شأنهما واحدا في الاثم بالترك الاعلى القول بان الجماعة فرض عين وذلك عندنا وجه ضعيف أما على القول بانها سنة كما قاله الغزالى والبغوي والرافعى وغيرهم فلا يخفى الحكم وأما على القول بانها فرض كفاية كما هو الاظهر وعليه الاكثرون وصححه النووى في جميع كتبه فلا يتأتى ذلك الا اذا تركت أصلا فان قام بها بعض الناس سقط الحرج عن غيره كما هو شأن فرض الكفاية (وما أجدر) أي ما أحق وأحرى (تارك) بالنصب على التعجب (يجنب) أي يؤمر باجتناب (مساجد المسلمين ومحاضرهم) أى مواضع حضورهم (فيبكت) بالموحدة وآخره فوقية (ويقرع) بالقاف فالراء فالمهملة والتبكيت والتقريع والتوبيخ والتثريب الملامة (التوفيق) خلق قدرة الطاعة في العبد وضده الخذلان والعياذ بالله قال بعض العلماء من عزة التوفيق لم يذكر في القرآن بمعناه الا في موضع واحد وهو قوله تعالى وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وذكر في موضعين آخرين بغير معناه وهو قوله تعالى إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما وقوله إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً

<<  <  ج: ص:  >  >>