للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرُونِ الْأُولى قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى» وقال تعالى «قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» وقال صلى الله عليه وآله وسلم لا تسبوا الأموات فانهم قد افضوا الى ما قدموا وقد حذر علماء السنة المحتاطون لدينهم من النظر في الكتب الحاكية تشاجر الصحابة لما فيه من المفسدة وعدم الفائدة* وافترضت هاهنا مسئلة لا ينكرها الا مباهت وهى أن يقول رجل علمنا توحيده وأشيع فسقه وبدعته شيوعا يكاد يبلغ القطع فصار الناس فرقتين فرقة تجترئ عليه بالسب واللعن وتوقفت الأخرى فمن أقرب الى السلامة من الفرقتين فيقول ان المجترئين داخلون في الخطر والوبال على كل حال فان الساب مناقش ومحاسب حتى يخرج مما قال في يوم لا قصاص فيه الا بالحسنات والسيئات فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في جواب الذى سئله عن الغيبة فقال يا رسول الله أفرأيت ان كان في أخي ما أقول (الْقُرُونِ الْأُولى) أي القرون الماضية والامم الخالية كقوم نوح وعاد وثمود فيما يدعوني اليه فانها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث (قالَ) موسى (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ) فان أعمالهم محفوظة عنده وسيجازيهم بها قيل انما رد موسى علم ذلك الى الله لانه كان لم يعلم ذلك لأن نزول التوراة انما كان بعد هلاك فرعون وقومه (فِي كِتابٍ) وهو اللوح المحفوظ (لا يَضِلُّ رَبِّي) لا يخطئ ولا يغيب عنه شئ (وَلا يَنْسى) ما كان من أمرهم بل يجازيهم باعمالهم (قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ) خالق (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ) وهو كل ما غاب عن البصر (وَالشَّهادَةِ) أي أن المغيبات والمشاهدات في علمه سواء (أَنْتَ تَحْكُمُ) تقضي (بَيْنَ عِبادِكَ) يوم القيامة (فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) في الدنيا وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدنى لما اختلف فيه من الحق بأمرك انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة (لا تسبوا الاموات الى آخره) أخرجه أحمد والبخاري والنسائي من حديث عائشة وأخرج أحمد والترمذي من حديث المغيرة لا تسبوا الاموات فتؤذوا الاحياء ففيه تحريم سب الموتي ان كان يفضى الى إيذاء حي مخترم مطلقا والا فمحل النهى في غير الكفار ومتظاهر بفسق أو بدعة اذ يجوز سبب الموتى اذ هؤلاء والينا عليهم بالشر للتحذير من طريقهم والاقتداء بآثارهم والتخلق باخلاقهم وبه يعلم الجمع بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن اثنيتم عليه شرا وجبت له النار أئتم شهداء الله في الارض أخرجه أحمد والشيخان والنسائي من حديث أنس (قد افضوا) بالفاء المعجمة أي وصلوا (الى ما قدموا) أي عملوا من خير وشر (تشاجر الصحابة) أى الاختلاف الذى وقع بينهم (وافترضت) قدرت (مباهت) بالموحدة والفوقية مفاعل من البهت وسنذكره (فقد قال صلى الله عليه وسلم) أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكر أحدكم أخاه بما يكره فقال رجل (أفرأيت ان كان في أخي ما أقول) أي الشين الذى

<<  <  ج: ص:  >  >>