قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال لا بل من عند الله وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله ان من توبتى أن انخلع من مالى صدقة الى الله والى رسوله قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قلت فاني أمسك سهمى الذى بخيبر فقلت يا رسول الله ان الله إنما نجاني بالصدق وان من توبتى ألا أحدث الا صدقا ما بقيت فو الله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث احسن مما أبلانى وما تعمدت مذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم الى يومي هذا كذبا واني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت وأنزل الله على رسوله لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ
ولمسلم وكان كعب لا ينساها لطلحة (أبشر بخير يوم) أراد بخير ساعة فعبر باليوم لانه محل البشارة (أمن عندك يا رسول الله) أي بغير وحي بل بدلائل عرفت بها (ذلك منه) للكشميهني فيه أى في وجهه (انخلع) باعجام الخاء واهمال العين أي أخرج منه وأتصدق به (من مالي) أراد من الارض والعقار فلا ينافي قوله فيما مر والله ما أملك غيرهما يومئذ لانه أراد من الثياب ونحوها مما يخلع ويليق بالتبشير (صدقة) حال أو مصدر أو مفعول على تضمين انخلع معني اتصدق (أبلاه الله) أي أنعم عليه والبلاء الا بلاء يطلق على الشر ولا يقال في الخير الا مقيدا فمن ثم قال أحسن مما أبلاني (كذبا) ولمسلم كذبة بسكون المعجمة وكسرها (وأنزل الله على رسوله) وهو في بيت أم سلمة حين بقي الثلث الاخير من الليل كما نقله البغوي عن اسحاق ابن راشد عن الزهري (لَقَدْ تابَ اللَّهُ) أي تجاوز وصفح (عَلَى النَّبِيِّ) انما افتتح الكلام به لانه كان سبب توبتهم (وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فِي ساعَةِ) أي وقت (الْعُسْرَةِ) أي الشدة (مِنْ بَعْدِ) متعلق باتبعوه (ما كادَ) أى قرب (يَزِيغُ) بالتحتية لحمزة وحفص وبالفوقية لغيرهم أي يميل الى التخلف والانصراف (قُلُوبُ فَرِيقٍ) جماعة (مِنْهُمْ) هموا بالتخلف ثم نفروا (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) قبل توبتهم ومن قبل توبته لم يعذبه أبدا قاله ابن عباس (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَ) تاب أيضا (عَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) أرجيء أمرهم عن توبة أبي لبابة وأصحابه (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) أى برحبها (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) هما وغما (وَظَنُّوا) أي أيقنوا (أَنْ لا مَلْجَأَ) أي لا مفزع (مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) ليستقيموا على التوبة ويدوموا عليها (إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ) القابل توبة عباده (الرَّحِيمُ) بهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ) في اتيان أوامره واجتناب نواهيه