اني قد ظلمت نفسي وزنيت وانى أريد ان تطهرني فرده فلما كان من الغدأتى فقال يا رسول الله اني قد زينت فرده الثانية فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قومه فقال هل تعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا فقالوا ما نعلمه الا وفيّ العقل من صالحينا فيما نرى فأتاه الثالثة فأرسل اليهم أيضا فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم وما بلغك عني قال بلغني انك وقعت بجارية آل فلان قال نعم والجمع بينهما انه جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم لنفر عنده فلما جاء قال له أحق ما بلغني عنك فقال نعم (اني قد ظلمت نفسى وزنيت الي آخره) انما لم يقنع ماعز والغامدية بالتوبة مع تحصيلها الغرض من سقوط الاثم بل اختارا الحد لان التوبة ربما لم تكن نصوحا أو يختل بعض شروطها فارادا حصول البراءة بطريق متيقن وهي الحد (فرده) مع تكرير الرد ثلاثا لعله يرجع عن الاقرار ولقنه ذلك فقال لعلك قبلت أو غمزت ففيه جواز التعريض للمقر بعقوبة لله تعالى بالانكار وقبول رجوعه عنه وبناء عقوبة الله على المساهلة والدرء بخلاف ما لآدمي فلا يجوز التعريض له بانكاره (تعلمون) استفهام حذفت أداته (ان بعقله بأسا) قال ذلك مبالغة في تحقيق حاله وصيانة لدم المسلم قال النووى وفيه اشارة الى ان اقرار المجنون باطل وفي رواية انه صلى الله عليه وسلم سأله فقال ابك جنون فقال لا فقال هل احصنت قال نعم ففيه المبالغة في تحقيق شروط الرجم من احصان وغيره وفيه المؤاخذة بالاقرار وجاء في رواية في صحيح مسلم فقال أشرب خمرا فقام رجل فاستنهكه فلم يجد منه ريح خمر وظاهر ذلك عدم صحة اقرار السكران وهو خلاف الصحيح في مذهبنا قال النووي السؤال عن شربه محمول عندنا على انه لو كان سكرانا لم يقم عليه حال سكره انتهي قلت أو محمول على السكر بلا تعد فانه حينئذ أعماله لا تصح معه اقرار ولا غيره وليس في قوله اشرب خمرا ما يقتضى شربها تعديا (وفي العقل) أى كاملة (فيما ترى) بالفتح والضم (فلما كانت الرابعة) احتج به أبو حنيفة وأحمد وغيرهما علي ان الاقرار بالزنا لا يثبت حتى يقر أربع مرات زاد ابن أبي ليلى وغيره في أربعة مجالس وقال الشافعي ومالك وغيرهما يثبت بمرة بدليل واغد يا أنيس علي امرأة هذا فان اعترفت فارجمها وبحديث الغامدية اذ ليس فيه اقرارها أربع مرات (حفر له حفرة) استدل به القائلون بالحفر للزانى سواء كان ذكرا أو انثى ثبت زناه ببينة أو باقراره وهي رواية عن أبى حنيفة وقال بها قتادة وأبو يوسف وأبو ثور وفي رواية عن أبى حنيفة لا يحفر لواحد منهما وهو قول مالك وأحمد وقال بعض أصحاب مالك يحفر لمن يرجم بالبينة فقط وقال أصحابنا لا يحفر للرجل مطلقا وأجابوا عن هذا الحديث بانه معارض بحديث أبى سعيد في مسلم فما أوثقناه ولا حفرنا له ويؤيد عدم الحفر له هربه حين اذلقته الحجارة فرواية بريدة محمولة على الحفر اللغوي وهو الايقاع في عظيمة قاله النووى قلت أو لعلهم حفروا له ليرجموه في الحفرة ظنا منهم ندبها له ثم لم يرجم فيها اما لنهي عن ذلك أو لعدم اتفاق دخوله الحفرة فروي بريدة الحفر لانه كان نسيبه وأبو سعيد عدمه لانه كان حالة الرجم حاضرا سيما وقد قال في رواية بريدة (ثم أمر به فرجم) ولم يقل فيها وأما المرأة فحاصل الاصح في مذهبنا انه يحفر لها ان ثبت زناها