عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله اليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نحن نري لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبا بكر فلما سكت تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فانى لم آل فيها على الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها الا صنعته فقال علي لأبى بكر موعدك العشية فلما صلى ابو بكر صلاة الظهر رقى ابو بكر على المنبر فتشهدو ذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر اليه ثم استغفر وتشهد علي بن أبى طالب كرم الله وجهه فعظم حق ابى بكر وانه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبى بكر ولا إنكار الذي فضله الله به ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت وكان المسلمون الى على قريبا حتى راجع الأمر المعروف رواه مسلم* وانما ذكرت الحديث الأول متمما بيان حكم الرجم وكانت الدلالة على ذلك تتم دون تمامه لما فيه وفي الحديثين بعده من الدلالة على أصل بيعة ابى بكر وانها كانت اجماعا من الصحابة الذين تقررت عصمتهم من الاجتماع على الضلال والخطأ والتمالئ عليهما وانه قد كان من على رضي الله عنه بعض تردد سببا لتغييرها وعمر انما قال لا تدخل عليهم وحدك خوفا عليه من اغلاظهم عليه في المعاتبة وعدم جواب أبى بكر والانتصار لنفسه لقوة لينه وصبره وخاف تغير قلب أبي بكر فيترتب على ذلك مفسدة خاصة أو عامة وبحضور عمر يمتنعون من ذلك هذا معنى ما ذكره النووي قال وفي دخول أبي بكر وحده مع حلف عمر انه لا يدخل كذلك دليل علي ان ابرار القسم المأمور به في الاحاديث الصحيحة محله اذا أمكن احتماله بلا مشقة ولم يكن فيه مفسدة وهذا ظاهر (ولم ننفس عليك) بفتح الفاء أي لم نحسدك يقال نفس بكسر الفاء في الماضى تنفس بفتحها في المضارع (ولكنا كنا نري) بضم النون وفتحها (لنا في هذا الامر نصيبا) وذكر جماعة من أهل السير ان أبا بكر قال يا علي أكرهت امارتي قال لا لكن ابيت ان لا اخرج بعد موته صلى الله عليه وسلم حتى احفظ القرآن فعليه حبست نفسى (شجر بينى وبينكم) أى اختلفنا فيه وتنازعنا (لم آل) بمد الهمزة أى لم اقصر (موعدك العشية) بالنصب والضم قال أهل اللغة العشية والعشى من زوال الشمس الى الغروب (رقى) بكسر القاف في الماضي وفتحها في المستقبل كعلم يعلم (وعذره) بفتح العين والذال فعل ماض وبضمها وسكون الذال أي وذكر عذره (نفاسة) بفتح النون أى حسدا (من الدلالة علي أصل بيعة الصديق) لمبايعة من تيسر حضوره يومئذ من اهل الحل والعقد له (قد كان من علي رضى الله عنه بعض تردد) غير قادح في صحة البيعة اذ لا يجب على كل أحد اتيان الامام ووضع يده في يده ومبايعته بل يلزمه