للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ما ندري ما حجة الوداع رواه البخاري وكان جملة من حضرها من الصحابة أربعين ألفا وقد اختلفت روايات الصحابة في صفة حجته صلى الله عليه وسلم هل كان قارنا أو مفردا أو متمتعا وبحسب ذلك اختلاف من بعدهم قال الامام محيى الدين النووى رحمه الله تعالى وطريق الجمع بين الروايات انه صلى الله عليه وسلم كان أولا مفردا ثم صار قارنا فمن روى الافراد فهو الأصل ومن روى القران اعتمد آخر الأمر ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع والارتفاق وقد ارتفق بالقران كارتفاق المتمتع وزيادة وهو الاقتصار على فعل واحد قال وبهذا الجمع تنتظم الأحاديث كلها قال القاضي عياض رحمه الله قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث فمن مجيد منصف ومن مقصر متكلف ومن مطيل مكثر ومن مقصر مختصر قال وأوسعهم في ذلك نفسا ابو جعفر الطحاوي الحنفي فانه تكلم في ذلك في زيادة على الف ورقة. قال القاضى عياض وأولى ما يقال في هذا على ما فحصناه من كلامهم واخترنا من اختياراتهم مما هو أجمع للروايات وأشبه بمساق الأحاديث أن النبى صلى الله عليه وسلم أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها إذ لو أمر بواحد منها لكان غيره يظن انه لا يجزيء فأضيف الجميع اليه وأخبر كل واحد بما أمر به وأباحه له ونسبه الى النبي صلى الله عليه وسلم إما لأمر به وإما لتأويل من اعلام نبوته صلى الله عليه وسلم اذ وقع الامر كما أخبر (ما ندرى ما حجة الوداع) أي حتى توفي صلى الله عليه وسلم عقبها فعلمنا المراد حينئذ (وكان جملة من حضرها من الصحابة أربعين ألفا) كما نقله الحفاظ عن أبي زرعة الرازي (وبحسب ذلك اختلف من بعدهم) فقال الشافعي ومالك وكثيرون أفضلها الافراد ثم التمتع ثم القران لما في الصحيحين عن جابر وعائشة انه صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ورواه مسلم عن ابن عباس أيضا وقال أحمد وآخرون أفضلها التمتع لما في الصحيحين عن ابن عمر انه صلى الله عليه وسلم أحرم متمتعا وقال أبو حنيفة أفضلها القران لما في الصحيحين عن أنس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا وهذان المذهبان قولان آخران للشافعى وحكي الاخير عن المزنى وأبى اسحق المروزي (قال الامام النووى) في شرح مسلم (اللغوي) بضم اللام (وقال القاضى عياض) كما نقله النووى عنه ثم (في زيادة على الف ورقة) زاد النووي عنه وتكلم معه في ذلك أيضا أبو جعفر الطبري ثم أبو عبد الله ابن أبي صفرة ثم الملهب والقاضى أبو عبد الله بن المرابط والقاضي أبو الحسن القصار البغدادى والحافظ أبو عمر بن عبد البر وغيرهم (فحصناه) بالفاء والمهملتين والفحص المبالغة في البحث

<<  <  ج: ص:  >  >>