للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كأنما رآنى في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي وفي صحيح البخاري عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من رآنى في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل بى ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وفيه أيضا عن ابى سعيد الخدرى انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من رآنى فقد رأى الحق فان الشيطان لا يتكونني وروينا في صحيح غيرهم فعلى الاحتمال فان خرق العادة قد يقع للزنديق بطريق الاملاء والاغواء كما تقع للصديق بطريق الكرامة والاكرام وانما تحصل التفرقة بينهما بالاتباع انتهي واستشكل الحافظ ابن حجر ما قاله ابن أبي جمرة بانه يلزم من ذلك كون هؤلاء صحابة وتبقى الصحابة الى يوم القيامة وان جمعا ممن رآه في المنام لم يروه في اليقظة وخبره لا يتخلف انتهى وأجيب عن الاول بمنع الملازمة اذ شرط الصحبة رؤيته صلى الله عليه وسلم وهو في عالم الدنيا لا في عالم البرزخ وعن الثانى بان الظاهر ان من لم يبلغ درجة الكرامة ومات من المؤمنين تحصل له رؤيته قرب موته عند طلوع روحه فلا يتخلف الحديث وقد وقع ذلك لجماعة قال في الديباج أما أصل رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة فقد نص على امكانها ووقوعها جماعة من الائمة منهم حجة الاسلام الغزالي والقاضى أبو بكر بن العربى والشيخ عز الدين بن عبد السلام وابن أبي جمرة وابن الحاج واليافعي في آخرين (أو كانما رآني في اليقظة) أى للعلة الذى ذكرها وهو أن الشيطان لا يتمثل أى لا يتشبه به والمعني أن رؤيته صلى الله عليه وسلم حق قطعا ثم قال عياض ان هذا خاص برؤياه في صورته التى كان عليها والا كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة وضعفه النووي وقال بل الصحيح انه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها كما ذكره المازري انتهي وأيده الحافظ ابن حجر بما أخرجه ابن أبى عاصم بسند ضعيف عن أبي هريرة مرفوعا من رآنى في المنام فقد رآني فانى في كل صورة قلت فلعله يحال ما رأي فيه صلى الله عليه وسلم من خلاف صفته على ضبط النائم وعدم تكيفه كما ذكروه فيما لو رآه يأمر عن منهي أو ينهى عن مأمور في شريعته وربما كانت رؤياه له بحسب ثباته في دينه فمن كان ذادين كامل واتباع وافر رآه في صورته المعروفة بعين القلب السالمة من عوارض الغشاء ونحوه والا كانت رؤيته له بحسب ضعف نظره (فائدة) قال عياض اتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى مناما وصحتها وان رآه على صفة لا تليق بجلاله من صفات الاجسام لان ذلك المريء غير ذات الله تعالى اذ لا يجوز عليه التجسيم ولا اختلاف الاحوال وقال ابن الباقلاني رؤية الله تعالى في المنام خواطر في القلوب وهي دلالات للرائى على أمور مما كان أو يكون كسائر المرئيات (ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة) سبق الكلام عليه في بدأ الوحي (وفيه أيضا) أي في صحيح البخارى (عن أبي سعيد) وفي رواية له أخري عن أبي قتادة وقد رواه عن أبي قتادة أيضا أحمد والترمذى (فان الشيطان لا يتكونني) لا يكون على هيئتي وشكلى قال النووي قال بعض العلماء خص الله سبحانه النبى صلى الله عليه وسلم بان رؤيا الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان ان يتصور في خلقه لئلا يتدرع بالكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للانبياء بالمعجزة دليلا على صحة حالهم وكما استحال تصور الشيطان في صورته في اليقظة اذ لو وقع لاشتبه الحق بالباطل ولم يوثق

<<  <  ج: ص:  >  >>