مما شدد على من قبلنا ولم يجعل علينا في الدين من حرج. ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم ان جعل الله أمته خير الامم ونسخ بشريعته جميع الشرائع فلا يسع أحد بعدها التمسك بغيرها وجعل الله معجزته القرآن وحفظه من التحريف والتبديل وجعله معجزة باقية تبقى ببقاء الدنيا وسائر معجزات الأنبياء ذهبت للحين ولم يشاهدها الا الخاص لها ومعجزة القرآن يقف عليها قرن بعد قرن عيانا لا خبرا الى يوم القيامة وعصم الله أمته من الاجتماع على الضلال وجعلت صفوفهم كصفوف الملائكة. ومن خصائصه انه كان لا ينام قلبه اذا نامت عيناه ولا ينتقض وضوءه بالنوم ويرى من وراء ظهره كما ترى من أمامه وتطوعه بالصلاة قاعدا كتطوعه قائما في الثواب ويتعين على المصلى اجابته ولا تبطل الصلاة بخطابه مما شدد (من حرج) أي ضيق (جعل الله أمته خير الامم) قال تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ (التمسك) بالرفع (وعظم) أى حفظ (الله أمته من الاجتماع على الضلال) فمن ثم كان الاجماع عندنا حجة قال صلى الله عليه وسلم ان أمتى لن تجتمع على ضلالة فاذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الاعظم أخرجه الترمذي وابن ماجه عن أنس وفي سنده ضعف لكن أخرج الحاكم له شواهد منها في الصحيحين لا يزال من أمتى أمة قائمة بامر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك (ومن خصائصه) كغيره من الانبياء (انه لا ينام قلبه اذا نامت عيناه) في الصحيحين وغيرهما عن عائشة ان عيني تنامان ولا ينام قلبي زاد البخاري في خبر الاسراء عن أنس وكذلك الانبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم وفي هذا اشكال وجوابه مر في حديث نومه صلى الله عليه وسلم بالوادي ومن فروع هذا أنه (لا ينتقض وضوءه) ولا غيره من الانبياء (بالنوم) لان النوم ليس ناقضا لذاته بل لانه مظنة للنقض بخروج شيء عند ذهاب الحس وهذا مفقود فيمن قلبه يقظان وقد نام صلى الله عليه وسلم حتى نفخ ثم قام فصلي ولم يتوضأ أخرجه الشيخان عن عائشة وينتقض وضوءهم بالاغماء كغيرهم (ويرى من وراء ظهره) ادراكا حقيقة فيه خلاف سبق والاحاديث الواردة في الصحيحين وغيرهما مقيدة بحالة الصلاة فهى مقيدة لقوله لا أعلم ما وراء جدارى هذا هكذا قاله الشهاب ابن حجر قال زكريا وفيه نظر إذ ليس فيها أنه كان يري من وراء الجدار وقياس الجدار على جسده صلى الله عليه وسلم فاسد كما لا يخفي (وتطوعه بالصلاة قاعدا كتطوعه قائما في الثواب) بخلاف غيره فان صلاته قاعدا على النصف من صلاة القائم وصلاته مضطجعا على النصف من صلاة القاعد ودليل ذلك ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائى من حديث ابن عمر وصلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة ولكني كنت كاحد منكم وانما كان تطوعه كذلك لانه صلى الله عليه وسلم مشرع ولان الباعث على القعود بالنسبة لغيره هو الكسل والتثاقل عن الصلاة وذلك مفقود فيه (ويتعين) أى يجب (على المصلي) ولو فرضا (اجابته) لما روي البخاري وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد بن المعلى بضم الميم وفتح المهملة واللام قال كنت أصلى في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجبته ثم أتيته فقلت يا رسول الله انى كنت أصلي فقال ألم يقل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ وروي الترمذي عن أبي هريرة مثل هذه القصة لابي بن كعب (ولا تبطل الصلاة) باجابته بالقول وكذا بالفعل ولو كثيرا كما