فأول ذلك ما اختص به صلى الله عليه وسلم من الواجبات والحكمة فيه زيادة الزلفي والدرجات قال صلى الله عليه وسلم حاكيا عن ربه لن يتقرب الىّ عبدي بمثل اداء ما افترضت عليه وفي حديث ان ثواب الفرض يزيد على النفل بسبعين درجة فمن ذلك ركعتا الضحى والاضحية والوتر والسواك والمشاورة والتهجد وهو ان يصلي بالليل وان قل والارجح انه غير الوتر وانه نسخ عنه صلى الله عليه وسلم كما نسخ عن غيره ومنه مصابرة العدو وان كثر عددهم لانه معصوم ومنه قضاء دين الميت المعسر وفي وجه كان يجب عليه اذا رأى شيأ يعجبه ان يقول لبيك ان العيش عيش الآخرة أما النكاح فقد أوجب الله عليه تخيير نسائه كما حكته الآية الكريمة والمعنى فيه انه صلى الله عليه وسلم آثر الفقر وصبر عليه فامر بتخييرهن لئلا يكن مكرهات على ما صبر عليه ولما اخترنه كافأهن الله على حسن صنعهن فحرم عليه التزوج عليهن والتبدل بهن فقال تعالى لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ثم نسخ ذلك لتكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى يا أَيُّهَا
(زيادة الزلفي) أي القربى (ركعتا الضحى والاضحية والوتر والسواك) وسنة الصبح لحديث أحمد والحاكم عن ابن عباس ثلاث هن على فريضة وهن لكم تطوع الوتر وركعتا الضحى والفجر ولاحمد والبيهقى الفجر والوتر وركعتى الضحي وللبيهقي عن عائشة الوتر والسواك وقيام الليل وهذه الاحاديث صعفها الحفاظ فمن ثم قال البلقيني وابن العراقى والزركشى وغيرهم إن في إيجاب ما ذكر عليه صلى الله عليه وسلم نظرا ورد بان الحديث يعتضد بما يصيره حسنا وخرج من ذلك قيام الليل بدليل ونفي غيره والواجب من ذلك أقل ما جرى فيه ففي الضحي ركعتان وفي الوتر ركعة والواجب في السواك ما يستحب لنا أو عند كل صلاة أو عند نزول الوحي احتمالات أوجهها الثاني (والمشاورة) لذوى الرأى في أمر الحرب وغيره من أمور الدنيا والدين قال تعالى وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ وحكمته تطييب قلوبهم والتنبيه لهم على طرق الاجتهاد وليتأسى به الحكام ونحوهم والا فقد كان غنيا بالوحي بل وبالاجتهاد الذي لا يخطيء (والتهجد) على ما قاله الرافعي (والارجح) كما قاله النووى (أنه غير الوتر) الواجب عليه ولا يكفي عنه الوتر بخلاف غيره (وأنه نسخ عنه صلى الله عليه وسلم) وان قال الجمهور بوجوبه ففي كلام عائشة حيث قالت صار قيام الليل تطوعا بعد فريضة ما نزل عليه قاله النووى (ومنه قضاء دين الميت) من المسلمين (المعسر) لحديث الصحيحين وغيرهما أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه ووجه الخصوصية ان كان القضاء من ماله ظاهر كما هو مقتضى كلامهم وان كان من مال المصالح على ما في شرح مسلم أى ان اتسع المال أنه لا يجب على الائمة بعده والاصح انه كان تحرم عليه الصلاة على المدين المعسر الا ان كان له ضامن ثم نسخ فصار يصلى عليه مطلقا ثم يقضيه (كما حكته الآية الكريمة) في قوله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها الآية