للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الدائرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة الا الفذ من اخبار أهل الكتاب الذى قطع عمره في تعلم ذلك وقد علم انه صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا اشتغل بمدارسة ولا مثافنة وقد كان علماء الكتاب يقترحون عليه السؤالات فينزل الوحى باخبارهم كقصص الانبياء مع قومهم وخبر موسى والخضر ويوسف واخوته وأصحاب الكهف وذى القرنين ولقمان وابنه واشباه ذلك مما صدقه فيه علماء الكتاب وأذعنوا له ولم يحك عن أحد منهم مع شدة عداوتهم وحسدهم انه كذبه في شيء من ذلك ولا أظهر خلاف قوله من كتبه ولا أبدى صحيحا ولا سقيما من صحفه قال الله تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ الآيتين هذا تلخيص ما ذكره القاضي من الوجوه الاربعة مع تقديم وتأخير وزيادة في بعض الألفاظ ونقص من بعضها وذكر هو وغيره وراء ذلك من براهينه وآياته وبركاته وجوها (منها) ان الله سبحانه حافظه من التحريف والتبديل والتغيير والزيادة والنقص على تطاول الدهور وانقضاء الفصول وكثرة الحاسد والمعاند قال الله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ وقال لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (ومنها) الروعة التي تعترى سامعيه من الابرار والفجار فاما الفاجر فيستثقله خصه مع ان له معجزات كثيرة أخر لانه أعظم المعجزات ولبقائه بعده صلى الله عليه وسلم (الا الفذ) بفتح الفاء وتشديد المعجمة أى الفرد الواحد (ولا مثافنة) بالمثلثة قبل الالف والنون بعد الفاء قال الجوهرى يقال ثافن فلانا أي جالسه ويقال اشتقاقه من الثفنة واحده ثفنات بالقصر وهي ما يقع على الارض من اعضائه اذا استناخ كالركبتين كانك الصقت ثفنة ركبتك بثفنة ركبته (وابنه) أى ابن لقمان واسمه أنعم أو مسكم قولان (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) يعنى القرآن (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) قال بعض العلماء تولى الله عز وجل حفظ كتاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه فلم يجد المعاندون سبيلا الي تحريفه ولا تبديله وسائر الانبياء استحفظوا كتبهم كما قال الله تعالي بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وشأن المخلوق العجز فمن ثم وصل اليها التحريف والتبديل (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) أى الشيطان قاله قتادة والسدي (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) أي لا يستطيع أن يغيره ولا ان يزيد فيه ولا ينقص قال الزجاج انه محفوظ من النقص فيأتيه الباطل من بين يديه ومن الزيادة فيه فيأتيه الباطل من خلفه وقال مقاتل لا يأتيه تكذيب من الكتب السالفة ولا يأتى بعده

<<  <  ج: ص:  >  >>