للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ وكلماتها عشر ونسبتها من القرآن أزيد من سبعة آلاف جزء كل واحد منهما معجز في نفسه ثم اعجاز كل جزء بوجهين بطريق النظم وطريق البلاغة فيتضاعف العدد من هذا الوجه الى غير ذلك من وجوه التضعيف التي تفهم بمن حاول احصاؤها انها صفة من صفة الله لا تشبه الصفات كما ان ذاته سبحانه لا تشبه الذوات ولقد أحسن صاحب البردة حيث يقول في وصف آيات القرآن العظيم وفي تحقيق معنى ما قدمناه أيضا:

آيات حق من الرحمن محدثة ... قديمة صفة الموصوف بالقدم

لم تقترن بزمان وهى تخبرنا ... عن المعاد وعن عاد وعن إرم

دامت لدينا ففاقت كل معجزة ... من النبيين اذ جاءت ولم تدم

محكمات فما تبقين من شبه ... لدى شقاق وما تبقين من حكم

ما حوربت قط إلا عاد من حرب ... أعدى الا عادي اليها ملقى السلم

ردت بلاغتها دعوى معارضها ... رد الغيور يد الجانى على الحرم

لها معان كموج البحر في مدد ... وفوق جوهره في الحسن والقيم

فما تعد ولا تحصي عجائبها ... ولا تسام على الاكثار بالسأم

قرت بها عين قاريها فقلت له ... لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم

ان تتلها خيفة من حر نار لظى ... أطفأت نار لظي من ورده الشبم

كأنها الحوض تبيض الوجوه به ... من العصاة وقد جاؤه كالحمم

(وكلماتها عشر) باسقاط البسملة (محدية) أى ابدالا وهو معني قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ان أريد بالذكر القرآن فان أريد ما يترتب عليه من الذكر فظاهر (صفة) الله عز وجل (الموصوف بالقدم) وجل قديم الذات ان يكون صفاته محدثة (دامت) أى بقيت (لدينا) أي عندنا (ففاقت) أي فضلت (كل معجزة من) معجزات (النبيين اذ جاءت) معجزاتهم (ولم تدم) كدوام القرآن بل ذهبت بذهابهم (محكمات) بالتشديد وهو بمعنى محكمات بالتخفيف (ما يتعين) أى ما يطلبن (من حكم) زيادة على ما فيهن بل حزن الحكم جميعها (من حرب) بفتح المهملة والراء أى هلاك (ملقى) بالنصب على الحال (رد الغيور) بفتح المعجمة أى الذي يغير به الغيرة وهي الانفة (عن الحرم) بضم المهملة وفتح الراء كموج (البحر) أي في الكثرة (وفوق جوهره) أى جوهر البحر (بالسام) أي بالملل (من وردها) بكسر الواو أى مائها (الشبم) بفتح المعجمة وكسر الموحدة أى النادر (كالحمم) بضم المهملة وفتح الميم جمع حممة وهى الفحم (معدلة) بفتح الميم وسكون العين وكسر الدال المهملتين أى عدلا

<<  <  ج: ص:  >  >>