يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ قال بعضهم وان كانت الآية في سكر الخمر ففي قوله تعالى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ تنبيه على سكر الدنيا فكم من مصل لم يشرب الخمر وهو لا يعلم ما يقول ولا يدري كم صلى من استغراق همه بالوساوس الدنيوية وربما كانت في معصية فيكون الوبال فيها أعظم. ومثل من انطوت صلاته على هذه القاذورات مثل من اتخذ صناديق المصاحف وعاء للخمر والنجاسات. وروي عنه صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله الى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه وروي عن الحسن البصرى كل صلاة لم يحضر فيها القلب فهى الى العقوبة أسرع وقد أتى على هذا المعنى الفقيه الفاضل صفي الدين اسماعيل بن أبى بكر المقري في قصيدته الواعظة المشهورة فقال
ذنوبك في الطاعات وهى كثيرة ... اذا عددت تكفيك عن كل زلة
تصلى صلاة يعلم الله أنها ... بفعلك هذا طاعة كالخطيئة
وقد مثلت الصلاة في صورة حيوانية روحها النية والاخلاص وحضور القلب ويديها الاعمال كالقيام والقعود. ورأسها الركوع والسجود والاركان التى لا بد منها. وجوارحها ووجوه تحسينها يجرى مجرى الابعاض والسنن ومثلوا المصلى في توجهه بها الى ربه كمثل من يهدي جارية الى ملك معظم فان أداها بلا نية فهو كمن أهدى الجارية ميتة وان أداها فاقدة الاركان فهى كمن أداها مقطوعة الاعضاء وان أداها فاقدة الابعاض والآداب فهى كمن أداها مشوهة فيكون المهدى في جميع ذلك مستحقا للعقوبة لا للمثوبة لان هديته لمن يعظم قدره ممن هو بهذه الصفات المذمومة فيه نوع استهزاء وتهاون بقدر المهدى اليه. وروى البيهقى وغيره عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فابلغ الوضوء ثم قام الى الصلاة فاتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت حفظك الله كما حفظتنى ثم يصعد بها الى السماء ولها ضوء ونور فتفتح أبواب السماء حتى ينتهى بها الى الله تعالى فتشفع لصاحبها واذا لم يتم ركوعها ولا سجودها ولا القراءة قالت ضيعك الله كما ضيعتنى ثم يصعد بها الى السماء وعليها ظلمة فتغلق دونها أبواب السماء ثم تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب أو خائفون قاله الحسن وقتادة أو متواضعون قاله مقاتل أو ما مر من الأقوال (وان كانت الآية في شرب الخمر) على ما قاله الأكثرون أو في النوم على ما قاله الضحاك (لا ينظر الله) أي لا يقبل (لا للمثوبة) بفتح الميم وضم المثلثة أي الثواب (لمن يعظم) بفتح الياء وسكون المهملة وضم المعجمة (المهدى اليه)