كيف عرف كل حركات المنافقين وكل مؤامرات يهود وقضى عليها؟
كيف أحبط كل هذه المؤامرات ومنع افتضاح نيات المسلمين؟
كل ذلك يدل على حرصه الشديد على كتمان نيات المسلمين، وحرمان العدو من الحصول على المعلومات عن أهداف ومقاصد حركات المسلمين.
سابعا- المرونة «١» :
كانت قوات المسلمين تتحرك الى أهدافها بكفاية وسرعة.
لقد استطاعت قوات المسلمين أن تصل الى أهدافها في الوقت المناسب، فتقوم بإحباط نيات العدو العدوانية، قبل أن يكمل العدو استعداداته التي تساعده على النجاح.
وصلت قوات المسلمين الى (دومة الجندل) ، وإلى (تبوك) ، وإلى ربوع فلسطين وإلى الطائف، وكل هذه الأماكن بعيدة عن قاعدة المسلمين- المدينة، وقد قطعت أكثر هذه المسافات ليلا، وفي ظروف قاسية من ناحية المشاكل الإدارية والطقس، كما استطاع المسلمون أن يستمروا في الحركة ثلاثين ساعة متتابعة عند عودتهم من غزوة بني المصطلق.
وقد رأيت كيف كان الرسول صلّى الله عليه وسلم مرنا في وضع خططه وفي تنفيذها وكيف أنه يعدّل تلك الخطط عند الحاجة حسب الظروف الراهنة.
(١) - المرونة: إن المبدأ الذي كان يسمى قبل الحرب العالمية الثانية بمبدأ: (قابلية الحركة) ، أصبح يسمى الآن مبدأ: (المرونة) ، ذلك لأن (قابلية الحركة) تدل على الحركة المادية وهي صنعة نسبية لا يعبر عنها تعبيرا صحيحا إلا بالمقارنة مع قابلية حركة العدو. إن (المرونة) تعني أكثر من ذلك، إنها لا تتضمن قوة الحركة فحسب بل قوة العمل السريع كذلك؛ فعلى القائد أن يكون مرن الفكر وعليه أن يطبق تلك المرونة عند وضع الخطط لحملته وأن تكون خططه يشكل يمكنه من أن يعدل سريعا حركات قواته حين تضطره الظروف غير المنظورة وغير المتوقعة.