للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل ذلك يدلّ على تطبيق الرسول صلّى الله عليه وسلم مبدأ (المرونة) وتحريك قواته بسرعة لا تقلّ سرعة وإتقانا عن أقوى جيش حديث في هذا العصر، لأن المسيرات الليلية وقطع المسافات الطويلة والاستمرار في المسير ثلاثين ساعة كاملة دون استراحة يدل على تدريب راق وكفاية متميزة.

ثامنا- التعاون «١» :

لقد رأينا كيف تعاون الرماة مع السيّافة والرمّاحة في غزوة (بدر) الكبرى، فقد نضح الرماة المشركين بنبالهم وأوقعوا فيهم خسائر فادحة سهّلت مهمة هجوم السيافة والرماحة للقضاء نهائيا على مقاومة قريش.

كما رأينا تعاون الفرسان مع المشاة في الغزوات الأخرى.

لقد أمّن الرسول صلّى الله عليه وسلم مبدأ: (التعاون) في غزواته كلها، وذلك بإعطاء كل سلاح «٢» واجبا يناسبه، كما أن تعاون (الصفوف) فيما بينها تمّ في الوقت والمكان الملائمين، وبذلك أمّن تسهيل مهمة الجميع للوصول الى النجاح المطلوب.

كما أمّن تعاون المسلمين من مختلف القبائل بشكل لم يسبق له مثيل في شبه الجزيرة العربية من قبل: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ... ) «٣» .


(١) - التعاون: هو توحيد جهود كل الأسلحة والقطعات العسكرية لبلوغ الغرض المنشود، وهو النصر في الحرب.
(٢) - السلاح: هو الصنف الذي كان يستعمل في قسم من الجيوش العربية سابقا، فيقال: صنف المشاة، وصنف المدفعية ... الخ. وبعد توحيد المصطلحات العسكرية في الجيوش العربية من لجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية الذي بدأت عملها في القاهرة من يوم ٣٠/ ٥/ ١٩٦٨، أصبح يستعمل تعبير: سلاح، بدلا عن: صنف، فيقال: سلاح المشاة، وسلاح المدفعية ... الخ.
(٣) - الآية الكريمة من سورة آل عمران ٣: ١٠٣.

<<  <   >  >>