والآخرة، والتنعم بجواره يوم القيامة. وبه ربحوا الدنيا والآخرة، مقابل خسارة الدارين للكافرين. وإننا دوما لنحمد الله تعالى على نعمة هذا الدين.
تلمس هذا واضحا في مواقع متعددة من القرآن الكريم، فالكافرون لا يكادون يحسون بذلك بما جنوه، فهم لا يريدونه، وغرتهم دنياهم بطرا وكبرا ووهما، مهما بلغ فعلهم وعنادهم واستكبارهم، ظنوا السراب ماء.
أما المؤمنون فقد ارتقوا بهذا الدين وحده في سلم الإنسانية، حين ارتقوا في سلم الإيمان بالله تعالى والعمل بشرعه، إيمانا واحتسابا، وأحسوا ببرد هذا الإيمان الذي ملأ نفوسهم وحياتهم، وملك تصرفاتهم، فلا عيش لهم بدونه.
وهذا يعني أن تفوق هذه المعاني الإيمانية وظهورها- لمن فاته أن يدركها في نصوصها- أن يراها ماثلة في حياة أهلها، وهو من واجباتهم، لا يتكلفونها أو يفتعلونها أو يدّعونها. والمؤمنون دوما تظهر عليهم معاني الإيمان بالله تعالى ودعوته، وهو طبيعتهم وواجبهم ومهمتهم، فإن حياتهم باستمرار تكون ترجمة قوية لها.
وهؤلاء المؤمنون بالإسلام ودعوته الكريمة، أصبحت هي كل حياتهم، وعاشوا بها ولها وفيها، حتى إنهم رغم طاعتهم المعهودة والتزامهم وإقبالهم يحسون بالتقصير، ويجدون المتعة الحقة والأنس الحبيب والسعادة الكبرى بالقرب منه، يرجون رحمة الله تعالى وعفوه، تقربا إليه وحده. ويتطلعون إلى الكمال أو استكمال المؤهلات ليستحقوا تمام العبودية لله تعالى، ساعين إلى جنة عرضها السموات والأرض متنعمين بثواب من الله على تقواهم وحسن اتباعهم وطاعتهم إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر: ٥٤- ٥٥]«١» .
لكنهم مع كل هذه الاستجابة والإقبال والاتّباع تراهم- لهذا البناء الكريم خائفين، رغم هذا التوجه، مقابل الآخرين المعرضين، لاهين مع ما هم