للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزوجها، وهي تقول: كيف رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالوا لها: هو بخير كما تحبين. فقالت: أرونيه، فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل، تريد صغيرة. وآخرون أصيبوا بعشرات الضربات من ضربات الحرب، وهم يقاتلون مستمرين في القتال، من مثل سعد بن الربيع «١» . وأنس بن النضر (عم أنس بن مالك، خادم النبي صلّى الله عليه وسلم، وبه سمّي) «٢» ، قاتل حتى قتل، فوجد به فوق ثمانين ضربة. وبذلك يقول أنس: (لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ (تسعين) ضربة فما عرفته إلا أخته، عرفته ببنانه) . وانظر ما فعلت نسيبة ودعوتها «٣» .

وحين تقرأ سيرة أي صحابي وصحابية تجد كل قضاياهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومقدمة أمامه، بطاقاتهم. فكانوا يبايعونه على كل شيء، وفي المعارك على الموت وعلى ألّا يفروا، حتى وهم على غير استعداد مادي ونفسي ومعنوي، كما حدث في صلح الحديبية.

ومثلما كان هذا يتم في حياة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم كان كذلك بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، كما حدث في معركة اليرموك (١٥ هـ) وفي غيرها من أمثالها وهي كثيرة وجد وفيرة. وكذلك بعدها خلال التاريخ وعلى مدار الأحداث وكل المواجهات بين المسلمين وأعدائهم من كل جنس.

يتبين لنا من خلال هذه النماذج الفرائد والقصص الكرائم والأحداث المحامد- بوفرتها وكثرتها وغزارتها- أن الصحابة الكرام كانوا يلجؤون إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويهرعون (يهرعون) إليه، ليجدوا عنده برد النّفس الحنون وأنس الرفيق الأثير ونسيم الراحة الظليل في كل ما يشغلهم، مهما كان، وحسب هذا البناء، كما يجدون بقربه الأمان، وطلباتهم وحاجاتهم استزادة لها.


(١) سير أعلام النبلاء، (١/ ٣١٨) .
(٢) أسد الغابة، (١/ ١٥٥) . سيرة ابن هشام، (٣/ ٨٣) ، الإصابة (١/ ١٣٢) .
(٣) سبل الهدى، (٤/ ٢٩٨) .

<<  <   >  >>