للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكتب إلى زياد بن لبيد الأنصاري البيّاضي يوصيه به خيرا «١» .

قصة أخرى- وهذه وأمثالها كثيرة- شبيهة بقصة هذا الغلام السّكوني اليماني، تلك هي قصة بشر وأبيه معاوية بن ثور بن عبادة البكّائي، من بني عامر بن صعصعة (عداده في أهل الحجاز) ، في وفد بني البكّاء القادمين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة تسع للهجرة. وهم ثلاثة نفر: معاوية هذا وهو سيدهم، وهو يومئذ ابن مئة سنة، ومعه ابنه بشر. وكان برّا بأبيه الذي طلب من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يمسح وجهه، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إني أتبرّك بمسّك، وقد كبرت وابني هذا برّ بي فامسح وجهه «٢» . وكان معهما الفجيع بن عبد الله جندح بن البكّاء وعبد عمرو بن كعب بن عبادة، وهو الأصم. فأمر لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمنزل وضيافة وأجازهم ورجعوا إلى قومهم.

وكان معاوية قال لابنه بشر يوم قدم وله ذؤابة: إذا جئت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقل له ثلاث كلمات لا تنقص منهن ولا تزد عليهن، قل: السلام عليك يا رسول الله، أتيتك يا رسول الله لأسلّم عليك، ونسلم إليك وتدعو لي بالبركة. قال بشر: ففعلتهن، فمسح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على رأسي ودعا لي بالبركة وأعطاني أعنزا عفرا. وبهذا افتخر محمد بن بشر بن معاوية، فقال:

وأبي الذي مسح النبيّ برأسه ... ودعا له بالخير والبركات

أعطاه أحمد- إذ أتاه- أعنزا ... عفرا ثواجل لسن باللّجبات

يملأن رفد الحي كلّ عشية ... ويعود ذاك الملء بالغدوات

بوركن من منح وبورك مانح ... وعليه مني ما حييت صلاتي «٣»


(١) زاد المعاد، (٣/ ٦٥١) . الطبقات الكبرى، (١/ ٣٢٣) .
(٢) هذه رواية ابن كثير، سيرة ابن كثير، (٤/ ١٧٥) . انظر كذلك عنها: سبل الهدى، (٦/ ٤٢٦) . الطبقات، (١/ ٣٠٤) . ولعلها مختصرة. ويذكر أن أهل هذا الوفد كانوا ثلاثين. كما أنّ هناك تفصيلات أخرى سترد فيما بعد.
(٣) أسد الغابة، (١/ ٢٢٥) ، رقم (٤٤١) . الإصابة، (٣/ ٤٣٠- ٤٣١) ، رقم

<<  <   >  >>