للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهدى المستقيم والله ربّ الكعبة) «١» .

وبذلك كانوا هداة هذه الأمة والإنسانية، ومبلغي دعوة الله إليهم، حملوها أمانة وصيانة وديانة، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعوة وسلوكا وحياة.

ملؤوا الدنيا ضياء وهداية وعدلا، فكانوا ينابيع صافية يستقي منها الآخرون.

من الوجوه المصابيح الذين هم ... كأنهم من نجوم حية صنعوا

أخلاقهم نورهم من أي ناحية ... أقبلت تنظر في أخلاقهم سطعوا

وقد وصفهم أحد التابعين مبيّنا بعض أوصافهم، وهو التابعي الجليل مسروق بن الأجدع (٦٣ هـ ٦٨٣ م) : (شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدتهم أشبه بالإخاذ، تكفي الإخاذة الراكب، وتكفي الإخاذة الراكبين، وتكفي الإخاذة الفئام من الناس، والإخاذة لو صدر عنها الناس جميعا لكفتهم) «٢» .

فلنحاول العيش ابتداء- ولو لحظات، وحتى من بعيد- بقربهم، نتذوق ما تذوقوه، ونرى حلاوة الإيمان الذي يعمر القلوب، ويأخذ إلى باحة الإسلام ومجاليه وميادينه. وبذلك يكون إعادة الموكب الكريم، وتنطلق به الحياة، مستقيمة رضية وضيئة. وبها يرى الناس عجائب هذا الدين ومعجزاته، مما لم يخطر لهم على بال. فهل نطيق عن ذلك انفكاكا منها، أو ابتعادا عنها، أو إهمالا لها؟

ولعلك وجدت بعض ذلك في أتباع الأنبياء السابقين- صلوات الله وسلامه عليهم- كالحواريّين. ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريّون وأصحاب يأخذون بسنّته


(١) حياة الصحابة (١/ ٤٦) . ولعبد الله بن مسعود (كلام قريب من هذا. جامع الأصول، (١/ ٢٩٢) . «المستن» : الذي يعمل بالسنة.
(٢) «شاممت» : عرفت. «الإخاذ» : جمع إخاذة، وهي غدير الماء. «الفئام» : الجماعة من الناس.

<<  <   >  >>