للبشرية، ولا يقبل من أحد دينا غيره، ولا انتماء سواه.
والصحابة الكرام هم الجيل المثال الفريد، الذي تربّى على مائدة القرآن الكريم، وقادهم لذلك محمد بن عبد الله الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم الذي علمه الله تعالى، وأعدّه، وأدّبه للقيام بهذه الدعوة، مما هو واضح من الإشارات والبشارات، حتى قبل النبوة بل وأسبق منه، ومن كل ما يحيط به. أما النبوة منذ تلقيها- فذلك واضح كل الوضوح في القرآن والسّنّة والسيرة.
فكان هؤلاء الصحابة هم أنفسهم كذلك القدوة، والذين كان الإيمان بالله تعالى ودعوته ونبيه صلى الله عليه وسلم في قلوبهم أعظم من الجبال، حتى في ضحكهم ومرحهم ومزاحهم «١» . فالاقتداء- إذا- بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالذين اتبعوه من المهاجرين والأنصار وغيرهم هو طريق الهداية.
فالرسول صلى الله عليه وسلم هو نبيّ الله، اختاره الله لدعوته الكريمة. وكان هؤلاء الصحابة الذين عاشوا معه، وتربوا على الإسلام بين يديه بشرا ترقّى، يوم اقتدوا به، واستجابوا لدعوة الله على يديه، وعضّوا عليها بالنواجذ، مما يشير إلى الاقتداء بهم. ونتعلّم منهم كيف تلقوا هذا الدين، واستجابوا له، وارتقوا به ببشريتهم، لنأخذ نحن به مثلهم مقتدين بهم بعد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وهم خير الأصحاب الذين تلقّوا عنه مباشرة، معتمدين في ذلك كله على القرآن الكريم والسّنّة الصحيحة والسّيرة الشريفة، متلمّسين كيف أن كلّ ذلك تحول في حياتهم إلى واقع عملي قوي ملموس. وفي ذلك يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (٧٤ هـ) : (من كان مستنّا فليستنّ بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمّة، أبرّها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلّها تكلّفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقل دينه، فتشبّهوا بأخلاقهم وطرائقهم؛ فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على