للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عالج القضية أجزاء وتفاريق ومن السطح، مقطوعة عن كلياتها وأمهاتها وارتباطاتها، بل يعتبر أسلوبا تائها لا يوقع الإنسان ولا يرفعه ولا يورثه إلا مزيدا من السقوط في التّيه، حين يكون بعيدا عن الله تعالى. وهو مظهر بوضوح عبث محاولات الإصلاح بغير منهج الله تعالى.

وقل مثل ذلك في كل المحاولات بأنواع أساليبها وتعدد ميادينها. بل هو طبيعي لا تنتظر غير ذلك منه، مثلما هو طبيعي بالنسبة للإسلام، لا تنتظر منه إلا ذلك التفرد العجيب المميز.

خذ كذلك الظواهر المتنوعة المعاصرة، حتى في البلدان التي بلغت شأوا بعيدا في مضمار التقدم المدني والعلمي والتقني ومعالجاتها التي ظنت- وللأسف ظننا معهم- رقيها وسبقها وتفردها، فما حصدت إلا الذّبول والنّكول والتّدني في جميع القضايا الإنسانية، وما يخص المرأة وما يخص الظواهر الجديدة كالإيدز، بسبب البعد عن منهج الله تعالى.

إن الخمر- كالميسر، كبقية الملاهي- ثم كالجنون بما يسمونه (الألعاب الرياضية) والإسراف في الاهتمام بمشاهدها ... كالجنون بالسرعة ... كالجنون بالسينما ... كالجنون بالمودات والتقاليع ...

كالجنون بالمصارعة والملاكمة ... كالجنون بمصارعة الثيران ...

كالجنون ببقية التفاهات التي تغشى البشرية، حتى لتكاد أن تصبح كالقطعان بل قل كالأنعام في بعض الأحيان في مواقع وبلدان في الجاهلية الحديثة اليوم، جاهلية الحضارة الصناعية والتقنية والعلمية المترهّلة.

إن هذه كلها ليست إلا تعبيرا عن الخواء الروحي من التربية الحقة والعجز والهزيمة أمام تحقيق أي لون من الإصلاح والوصول لعلاج الفاسدات والمفسدات، لتفلس أمامها، الأمر الذي ينقلب أحيانا إلى مماشاتها بل والأخذ بها. بل وأحيانا- تلك وهناك- الفقر المدقع من الإيمان أولا ومن الاهتمامات الكبيرة- نتيجة لذلك- التي تستنفد الطاقة ثانيا. وهي ليست إلا إعلانا عن إفلاس هذه الحضارة في إشباع الطاقة أو الحاجة أو الرغبة الفطرية

<<  <   >  >>