بطريقة سويّة. ذلك الخواء وهذا الإفلاس هما اللذان يقودان إلى الخمر والميسر لملء الفراغ، كما يقودان إلى كل أنواع ذلك الجنون وغيره. وهما الخواء والإفلاس وما يتبعهما، بذاتهما- اللذان يقودان، كما يتم، والعياذ بالله ونسأل الله العافية، إلى الجنون المعروف، وإلى المرض النفسي والعصبي والشذوذ. بل يذكر أن للخمر (والتدخين) علاقة بالعقم!!!
لكن انظر الذي حققه الإسلام في هذا الشأن وفي غيره من كل شؤون الحياة، حققه ويحققه بكلمات الله تعالى المعجزة، بلاغة وأثرا وتفردا.
إنها لم تكن مجرد كلمات- كما قد يظن- إنها كلمات الله سبحانه وتعالى، وهي التي حققت تلك المعجزة الفريدة. إنه كان بالمنهج الرباني، منهج هذه الكلمات، متنه وأصله، منهج من صنع رب الناس لا من صنع الناس. وهذا هو الفارق الأصيل بينه وبين كل ما يتخذه البشر من مناهج لا تؤدي إلى كثير أو كبير أو جدير، بل إلى الهزيل لا بل إلى التأذي والتردي والتدني البعيد، لا بل إلى التدمير المحقق والخطير.
إنه ليست المسألة أن يقال كلام، فالكلام كثير. وقد يكتب فلان أو غيره من الفلاسفة والمفلسفين أو من الشعراء أو من المفكرين أو حتى من السلاطين! قد يكتب كلاما ملفقا أو مزوقا أو ملقنا- استعارة أو تجارة أو شطارة، من يده أو يد غيره- قد يكتب كلاما مهما أو منمقا جميلا يبدو أنه يؤلف منهجا أو مذهبا أو فلسفة «١» ... ولكن ضمائر الناس تتلقاه بلا سلطان
(١) لقد توفرت كل هذه الأنواع وغيرها، مما قد لا يؤمن بها حتى مدّعيها أو مستأجريها، من الأقاويل المصنعة أو المصطنعة. نراه في عصرنا وحوالينا خاصة، لمواجهة الإسلام ومحاربته ورده. يريدون غلبته بما ملكوا من القهر والنهر والنحر، وبما أعدوا من أسباب القوة الغشوم، مما يشير إلى رعبهم من الإسلام، حين يأتي فارسه وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف: ٢١] . ولكن حين ذاك لا ينفع ما لديهم، فيهربون باحثين عن ملجأ ويتمنون النجاة، لعلهم يعثرون على مخبأ ما، ولات ساعة مهرب.