للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ. ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:

٤٠] «١» .

فمصدر الكلمة هنا هو الذي يمنحها السلطان، سلطان العليم الرحمن الرحيم الحكيم القادر الكريم المتفرد. وهي كلمة- فوق ذلك- تستكمن في ذاتها أسرارا من القوة والفاعلية والبركة المؤثرة، بجعل أثرها معجزا، لا يدرك بحال.

بينما مناهج البشر جميعا تفتقد كل هذا فلا تقود إلا إلى التردي، وذلك فوق ما في طبيعة المنهج البشري ذاته من ضعف ومن هوى ومن جهل ومن قصور ومحدودية وغموض وعجز.

فمتى يدرك هذه الحقيقة البسيطة من يحاولون أن يضعوا لحياة الناس مناهج، غير منهج العليم الخبير؟ وأن يشرّعوا للناس قواعد غير التي شرعها الحكيم البصير؟ وأن يقيموا للناس معالم لم يقمها الخلّاق القدير؟

متى ومتى؟ متى ينتهون عن هذا الغرور؟؟!

لكني أقول: إنه لا يتم شيء من ذلك إلا يوم يتم- بقدر الله تعالى- لأهل هذه الدعوة الكريمة أن يقيموا منهج الله في الأرض، فيراه الآخرون حقيقة واقعة، يرون آثارها ويألفون منارها ويتذوقون ثمارها. وهو ما جرى واضحا في السيرة النبوية الشريفة، على صاحبها الصلاة والسلام. حيث أقبلوا عليها واستظلوا بظلها وتفيّؤوا أشجارها واجتنوا ثمارها الطيبة، عبقت بألوان الطّعوم.

رغم أنهم حاربوه طويلا بكل سبيل دون هوادة، وبأكثر من ذلك. ولكن حين رأوه في الحياة قائما، هرعوا إليه مؤمنين به، يتسابقون ويتنافسون في


(١) انظر: التفسير، (٢/ ٦٦٧) .

<<  <   >  >>