للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خدمته غير مدخرين لطاقة. فأصبح أشدّ الأعداء من أبر الأبناء، وهذا من معجزات الإسلام لا يستطيعه غيره بحال «١» .

ومن الملاحظ أن كثيرا من هذه الأنظمة الوضعية الأرضية البشرية- شرقا وغربا، التي تحاول عمل شيء في هذا المضمار، وهي لا تزيدها إلا سوآ فوق سوئها وترديا إلى جانب ترديها وعبئا مع ثقلها- لم تحقق شيئا في أي من هذه المضامير والضمائر والمضامين، وحتى التي رفعت لها الرايات وادّعت سبقها وتفردها متّهمة غيرها. وكانت أفشل من غيرها- كل الأنظمة الوضعية ومن تلك التي قامت على أنقاضها ووصفتها بأشنع الاتهامات، بل حتى صار الناس يترحمون على تلك والتي هم أنفسهم كانوا يتمنون زوالها:

ربّ يوم بكيت منه فلما ... تولى بكيت عليه

ومن العجيب- أو ليس بعجيب- أن كل هذه الأنظمة والأوضاع الجاهلية تحارب دين الله تعالى- بزعامة الصهيونية والصليبية والعلمانية- وتتحد عليه، وهي متعادية متحاربة متوالية، جمعها الهدف والمهمة والمركبة الواحدة، التي اصطنعتها من أجل ذلك، فصارت عليه إلبا واحدا، لحسابها أو لحساب غيرها. بل إن بعض الأوضاع ادّعت تقدمها وقوتها وتفردها في المناهج الإصلاحية وتحت هذه الشعارات- ليس فقط حاولت وفشلت ولا أهملت فحسب، بل كأنها تدعو إلى الفساد والإفساد والخروج عن طاعة الله تعالى، وإن تزيت به- لكنها تتعامل في الواقع بمقولة تستنكرها في الظاهر، هي: (إثابة المسيء وعقوبة المحسن) .


(١) يبدو أن كثيرا من الأوضاع في العالم اليوم تفرض القوى العالمية- الصهيونية والصليبية والعلمانية (اللادينية) - عليها توجيهات معينة وتملي إرادتها المحددة. وهذا يجري في بقاع كثيرة من العالم، شرقا وغربا. حتى ليظهر- أحيانا- أنه لا تكاد تفلت منها- إن فلتت بحال- إلا القلة، وأن هذه القوى تريد الإطباق على الجميع. ونحن نسأل الله العافية من ذلك وأمثاله، بالاعتصام بمنهج الله القويم.

<<  <   >  >>