للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا نظرنا بعض أشعارهم في ذلك نستدل على أن الإسلام صنع إنسانا جديدا وحياة جديدة ومجتمعا فريدا، في كل مبانيه الحياتية والإنسانية والحضارية في الأنفس والحياة والآفاق.

إن أخذنا الجدي العملي المتمكن بالإسلام يرينا بشكل أدق وأوفق وأبعد حقيقته، ويعمق أكثر فهمنا له، ويبصرنا زيادة بأسراره التي أودعها الله إياه مليئة، يدلنا على طريق الخير السليم القويم، وهو وحده يفعل ذلك. ولكن هذه ثمرة طبيعية مؤكدة، لا يرد غيرها. ولكنه الأساس لأنه يحقق غاية الوجود الإنساني في العبودية الحقة لله تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦] . وهي قوام كل إصلاح وبداية الاستقامة فيها وموئل الإنسانية الكريمة.

والمرجو أن يرى المسلم- مسلم اليوم قبل غيره- ذلك، ليدرك بوضوح عظمة هذا الدين. وهو المستوى اللازم للقيام به والانتماء إليه والسير في موكبه الكريم، ليحقق في نفسه وفي ما حوله وفي الحياة ما يراد منه. ويدرك هو وغيره المنقذ والموجه والمسعد دنيا وأخرى، الذي يتناسب مع الإنسان الذي خلقه الله تعالى وجعله خليفة في أرضه وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة: ٣٠] . وهو هذا الدين وحده. وسيبقى هذا الإنسان ضائعا بدونه أبدا. فلا يفلح في إصلاح الإنسان إلا الدين الذي أنزله الله تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: ١٤] .

فالحياة كلها- قديما وحديثا، لا سيما عصرنا- خير دليل على ذلك.

وإن هذا الدين يقود إلى خيري الدنيا والآخرة، فمن يقود إلى خيريهما غيره.

إنه هو الذي أراده الله سبحانه وتعالى أن يكون كذلك. وبه وحده تعرف حقّ الله تعالى والاستئناس بالعبودية له سبحانه. ثم إنه به يعرف معنى الألوهية والربوبية والحاكمية، وهو ما على الإنسان أن يعرفه ويؤديه ويقوم به؛ ولذلك أرسل الله تعالى الأنبياء، وآخرهم محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ الذي بعثه الله تعالى بالرسالة الخاتمة الشاملة. فما من حجّة بعد ذلك لأحد

<<  <   >  >>