للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجع إلى مكة ثم هاجر هو والعباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الخندق.

وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنين والطائف وثبت يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعان يومها بثلاثة آلاف رمح.

وهكذا ترى بوضوح كبير أن أكثر الصحابة حاربوا الإسلام أولا أشد الحرب، ثم أسلم من أسلم منهم بعد ذلك، فكان أحدهم يتمنى أن يفدي الإسلام وقرآنه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم بنفسه وماله وأهله، وهو بذلك سعيد.

وكان أحدهم لا يود إلا أن يموت شهيدا في سبيل الله؛ ولذلك فإن خالد ابن الوليد بن المغيرة الذي سماه الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد معركة مؤتة (٨ هـ) «سيف من سيوف الله» «١» . قال حين حضرته الوفاة: (لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني (جسدي) موضع شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم. ثم ها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء، وما من عمل أرجى من (لا إله إلا الله) وأنا متترّس بها) «٢» .

وكان حريصا أشد الحرص على الشهادة في سبيل الله، فيقول: (ما أدري من أي يوم أفر: يوم أراد الله أن يهدي لي فيه شهادة، أو يوم أراد الله أن يهدي لي فيه كرامة) «٣» . وقال أيضا (عند الوفاة) : (ما من ليلة يهدى إليّ فيها عروس أنا لها محبّ (أو أبشّر فيها بغلام) أحبّ إليّ من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد في سرية (من المهاجرين) أصبّح فيها العدوّ (فعليكم بالجهاد) «٤» .


(١) البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب خالد، رقم (٣٥٤٧) . الاستيعاب، (٢/ ٤٢٩) ، رقم (٦٠٣) .
(٢) الاستيعاب، (٢/ ٤٣٠) ، رقم (٦٠٣) . أسد الغابة، (٢/ ١١١) . سير أعلام النبلاء، (١/ ٣٧١، ٣٨٢) .
(٣) سير أعلام النبلاء، (١/ ٣٧٥) .
(٤) سير أعلام النبلاء، نفسه. الإصابة (١/ ٤١٤) .

<<  <   >  >>