فإن عبادة الله تعالى واتّباع دعوته والاقتداء بنبيه صلّى الله عليه وسلّم هو الملجأ الحقيقي. وقوة الله تعالى هي القوة الحقيقة الحقة القوية العدل، وهي الوحيدة المتصرفة في هذا الوجود، وما عداها من قوة الخلق فهو الهزيل الواهن الضعيف كبيت العنكبوت. من يحتمي بها فهي خيوط واهية، سريعا ما تذهب وتزول ويبور صاحبها ويهلك. فالعاقل والعالم والفاهم لا يجب أن تخدعه قوة في الأرض وتصرعه وتصرفه عن دين الله تعالى- وهو الحق الوحيد السديد الأكيد الجدير- مهما بلغت، حكما وسلطانا وطغيانا، علما ومالا ومنصبا، وكلها سراب خادع وكلها قبض ريح، وبناء واقع وخيط واهن لا ينفع المتعلق به بشيء أبدا، لا يلبث أن يهوى، بل حتى من نفسه أحيانا، أو أحايين.
وانظر إلى سحرة فرعون، وهم كهنة معابده الذين كانوا يزاولون السحر، كما هو الحال في الأديان الوثنية والمنحرفة والمتحرفة والمفتعلة.
وظني أنهم من قوم فرعون (مصريون أقباط) ، وليسوا من قوم موسى- عليه السلام- بني إسرائيل. ولكن هؤلاء السحرة وقد رأوا الحق وعرفوه، وهم أهل السحر وأساتذته وأدرى بخدعه وبألاعيبه وبخلوه من الحقائق، رأوا أن ما جاء به موسى هو الحق الأكيد، فلا بد إذا أن يكون نبيا مرسلا من الله تعالى، ففتح الله قلوبهم له، فامنوا به واحتملوا ما يأتي من وراء ذلك.
ولكن الروعة في قوة الحق المتمثل في رسالة الله تعالى التي انتزعتهم من وحل الباطل والكفر والضلال والغواية وأخذتهم من وهادها وإغراآتها ومنافعها ومناصبها ورفعتهم إلى قمة الإيمان. وهنا- في رسالة موسى، عليه السلام- إنهم قبل ساعات كانوا مع فرعون يناصرونه ويتقربون إليه بخدمته
«الحاصب» : الريح التي فيها حصباء (صغار الحجارة) ، وهي لقوم لوط ولعاد (قوم هود) . «الصيحة» : التي أخذت منهم الأصوات والحركات، وهم أهل مدين وثمود (قوم صالح) . «والخسف» : الذي وقع بقارون. «والغرق» : يعني قوم نوح، وفرعون وهامان وجنودهما.