للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا يضرب الله تعالى الأمثلة في القرآن الكريم للإيمان بدعوته وجبهة الحق والمؤمنين به في عصور سبقت، سواء ممن نصر من الأنبياء- عليهم السلام- في وقتهم أو بعدهم، من النساء والرجال. فزوجة فرعون المتأله كانت مؤمنة، وسحرة فرعون كانوا له ومعه، لكنهم لما رأوا الحق فاجتذبهم وأراد الله كرامتهم، آمنوا واحتملوا تهديد فرعون وتخويفه وتنكيله بهم- وقد أعلمهم به- لكنهم آثروا الحق الذي أنزله الله ورغبوا بما عنده تعالى من الأجر والثواب والجنة فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى [طه: ٧٠- ٧٦] .

وهكذا يستعرض لنا القرآن الكريم هذه الصور والصيغ والمشاهد بأسلوبه المعجز وتعبيره المتفرد وكلمات الله القوية- وتلك حقيقتها وطبيعتها وأحقيتها المؤكدة المتجددة المتفردة- في هذا البيان لدعوات الله السابقة، منذ البداية وحتى نوح- عليه السلام- إلى إبراهيم- أبي الأنبياء- عليه السلام- وموسى، أنبياء. ثم داود وسليمان، أنبياء وملوكا. ثم بأقوام آخرين من المؤمنين بالله تعالى والعاملين بمنهجه الآخذين بكلمته. فذو القرنين «١» كان ملكا مؤمنا صالحا. وقصة الفتية المؤمنين أصحاب الكهف «٢» ، وأصحاب الأخدود «٣» . وكلها أمثلة على مواجهة الإيمان الأعزل للكفر المدجج


(١) [سورة الكهف: ٨٣- ٩٨] .
(٢) [سورة الكهف: ٩- ٢٢] .
(٣) [سورة البروج] .

<<  <   >  >>