الذين اتبعوه في كل الأحوال، وفي حرب أعدائهم بهذا الدين وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال:
٦٢- ٦٤] .
فالله سبحانه وتعالى يذكّر العرب- وغيرهم- الذين حاربوا الإسلام، بمصارع العصاة والعتاة والبغاة من الكفرة المتألهين والظلمة المتجبرين والفسقة المتبخترين، من الغابرين وعلى مدار القرون السابقة للدعوة الإسلامية ويدعوهم إلى الاعتبار، بعد أن تبين لهم أن هناك قوة واحدة هي قوة الله تعالى الذي أراد بالعباد خيرا بإرسال الأنبياء- عليهم السلام- التي كانت هذه الدعوة الكريمة خلاصتها وخاتمتها وكمالها في هذا القرآن الكريم، أنزله على محمد صلّى الله عليه وسلّم إمام الأنبياء وسيد المرسلين- عليهم السلام- وبيّن لهم من خلال الآيات في الكتاب- وهو الصدق الأكيد الذي وحده يحمل الحقيقة الوحيدة الأكيدة الرشيدة- ومن خلال واقع الحياة المشهود، مع أن أولئك القوم أو الأقوام كانوا أقوى منهم وأمضى وأعلى، عبرة وتذكرة وتنبيها: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ [غافر: ٢١- ٢٢]«١» .
(١) وسورة غافر من السور التي تعالج قضية الحق والباطل والإيمان والكفر والضلال والعلو والتجبر في الأرض، وتقدم الأمثلة الكثيرة لدعوة الله تعالى وأحوال أنبيائه (عليهم السلام) وما لقوه من أقوامهم، وما كانت مصائرهم النكدة البائسة التسعة، مقابل أهل الإيمان الذين نصرهم الله تعالى، وكيف نجا ونصر وأعز أولياءه وأهلك أعداءه، ليري سبحانه وتعالى أهل مكة وقريشا والعرب والعالم في ذلك العصر وفي كل العصور مصير كل فئة، ليتعظوا ويعتبروا ويهتدوا بهذا الدين الكريم.