للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يورّثوا علما ولم يرووا سنة إلا في حدود، ومنهم من استشهد مبكرا جدا، مقبلا ومقدما، يقبلون على الإسلام ويتمثلونه بتوازن واتزان.

ولا بد لكل هذه أن تكون بارزة ظاهرة في تولي عملية البناء ورعايتها في الحديث عن الجماعة المؤمنة التي تريد وتعمل و «تحاول إعادة إنشاء هذا الدين في دنيا الواقع، التي غلبت عليها الجاهلية، وصبغتها بصبغتها المنكرة القبيحة!» «١» .

وهكذا كلما مضيت وعشت، فهمت وتقويت واقتربت واستنتجت وتمثلت وانطلقت. وكلما زاد إيمان الشخص دقّ نظره وثقب بصره وعلا إدراكه، وكان فهمه أعمق وآفاقه أوسع وعمله أشجع. والصحابة الكرام كانوا يزاولون القرآن الكريم، ذوقا وإدراكا، ويعيشونه عملا وواقعا.

وورد عن عبد الله بن مسعود «٢» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يعلمهم القرآن


كثيرا ثم قال كلمة لإرضاء قريش وندم عليها، لكن الرسول صلّى الله عليه وسلّم طمأنه. انظر: أسد الغابة، (٤/ ١٢٩) ، (٥/ ٤٦٧) ، (٧/ ١٥٢) . الأعلام، (٣/ ١٤٠) ، (٥/ ٣٦) ، (٨/ ١٢٨) . الوافي بالوفيات، (١٥/ ٤٥٧) ، رقم (٦١٧) .
(١) التفسير، (٣/ ١٤٧٨) .
(٢) عبد الله بن مسعود (٣٢ هـ ٦٥٣ م) من أجلّاء الصحابة وأكابرهم ونجبائهم، فضلا وعقلا وقربا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وهو من أهل مكة ومن السابقين إلى الإسلام وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة، وكان خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأمين وصاحب سره ورفيقه في حلّه وترحاله وغزواته. وقال صلّى الله عليه وسلم: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل» . وحين سئل حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي صلّى الله عليه وسلّم ليأخذوا عنه، قال: (ما أعرف أحدا أعرف سمتا وهديا ودلّا (شكلا وشمائل) بالنبي صلّى الله عليه وسلّم من ابن أم عبد (ابن مسعود)) . (البخاري، فضائل الصحابة، باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، رقم (٣٥٤٩، ٣٥٥١)) . أسلم قديما وهاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد بعدها، وشهد فتوح الشام. روى عنه كثير من الصحابة والتابعين. وكان يقول: (أخذت من في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبعين سورة ... والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل. وما أحد أعلم

<<  <   >  >>