للمسلم، في بشارة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وهو أمر ترخص له النفوس، وتقدّم الغروس، كل الغروس.
وفي هذا بيان واعتبار على أن المسلم يأخذ بالأسباب، كأكثر ما يأخذها إنسان بأقصى الجهد، ثم ينتظر نصر الله. فلا إعداده يدعوه إلى أن يركن إلى نفسه، ولا توكّله على الله يهمله الأسباب، فكلاهما من أمر الله وسنّة الله (قدر الله وسنّته) . وهو في كلتا الحالتين مؤمن بالله تعالى، متوكل عليه، وهما جميعا لا يعملان بمعزل عن إرادة الله ورعايته، بل بهما لا بغيرهما تقوم المسيرات وتحدى القوافل.
فكانت الهجرة، وكانت النصرة، وكل ما يتصل به، ويمتّ إليه، فاحتضن الأنصار المهاجرين، وبذلوا لهم- باصرة الدين- بعزة وفرح، فلم تبق مشكلة، وحلّت كلّ معضلة. كان بعضها يمكن أن يعوّق استمرار الطريق، لكن- بفضل الله- قام ذلك المجتمع الفريد، وأول دولة حكمت بشرع الله، بقيادة الرسول صلّى الله عليه وسلم. فكان قيامها يوما من أكبر أيام الله، اعتبر بداية التاريخ الإسلامي.
إنه لجميل، أن نلتقي على هذه المعاني في حفل جليل، تكثر المعاني الكريمة وتتحدد، وتتزاحم الفكر، وتنهمر العبر، فنحن أمام حدث عظيم، كان له ما بعده، نستمدّ منه التعبير عن عظمة الإسلام. وليس من فوائده إكثار المعرفة والاستفادة من المعلومات فحسب، بل- وكذلك- هذا اللقاء للتناجي المتفتح المتوجّه إلى الله. وسواء تقدّم في هذا الحفل أفكار جديدة أو معلومات فريدة، فذلك مهمّ، ولا يقل عنه أهمية- إن لم يزد، بل هو- أن تنتعش الروح، وتنتشي النفس، وتطرق المغاليق من الأبواب، فتفتحها، أو تفتح نافذة فيها، تدخل منها نسمات الحياة، فيهبّ قويا لهذا الدين، عاملا لخدمته إن شاء الله سبحانه وتعالى.
وفي مثل هذه المناسبة المباركة، تحدث مثل هذه الآثار، والأبواب مفتوحة، ورحاب الله واسعة، وأجواء رحمته طيبة قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ