للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلوكا- بهذه الصيغة- في احتفالاتنا كافة، مبنية على نية مؤمنة، وطوية ربانية خيّرة، ليكون لنا فيها أجر، ونية المرء قاعدة ركنيّة ركينة مهمة في عمله، وهي أمر لازم في كلّ عمل، لا بدّ أن تكون خالصة لله تعالى، وحسب شرعه؛ ليكون العمل مقبولا ومأجورا عند الله تعالى.

وحديث النية الشريف صدّر به عدد من أهل الصّحاح والمؤلفات الحديثية كتبهم، وهو حديث كان بمناسبة الهجرة، لكنه عام شامل لكل حال، وهو من الأحاديث الجامعة: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها (يتزوجها) فهجرته إلى ما هاجر إليه» «١» .

فإذا ما تجلّت هذه الروح، وتفتحت النفس لهذه المعاني وكانت لها من المرامي، فلعلها محاطة برعاية الله سبحانه وتعالى، وتحفها ملائكته، وتنزل علينا في مثل هذا اليوم الفاضل رحمته، فيفتح الله علينا ابتداء، في الهداية، بدا وزيادة فيها والتزاما أكيدا لها، وفي هذا الاتجاه الرشيد؛ لنسير في طريق الله؛ الذي لا يضل سالكه قبل اليوم ولا بعده، ولا يحيد، وهل من رأى النور، وأضاء الله دربه، وعمّر قلبه أن يترك؟ كلا؛ بل يمضي فيه عزيزا غير هيّاب، ولو صبّ عليه كلّ عذاب.

اللهم! هبنا الصّلابة في الحق، والثبات فيه، والصبر عليه، اللهم! هبنا صبرا، وتوفّنا مسلمين، اللهم! إنا نسألك البر والتقى والعفاف والغنى والفطنة والحجا، واجعلنا لكلمتك العليا مخلصين.


(١) أخرجه البخاري: كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم (١) . ومسلم: كتاب: الإمارة، باب: قوله صلّى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات ... » ، رقم (١٩٠٧) . وأورده النووي في الأربعين النووية، الحديث الأول.

<<  <   >  >>