للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين، وقائدهم حمل جثته- بعد الوفاة- إلى داخل أرض الروم ما استطاعوا، ليدفنوه هناك، ثم ليعملوا على فتح تلك الأرض، ففعلوا.

فدفنوه عند القسطنطينية «١» . ولشدة عشقه للجهاد، وخدمة الإسلام أراد أن يحيا مجاهدا، ويموت شهيدا، ويستمرّ أثره في الجهاد، لا سيما حين أحسّ بالموت خارج المعركة.


وفاته. ومما يتردد ذكر أبي أيوب حول تصحيح فهم هذه الآية الكريمة وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: ١٩٥] . وتفسيره بأن الإلقاء باليد إلى التهلكة هو بترك الجهاد (حياة الصحابة، ١/ ٤٧٠- ٤٧١. زاد المعاد، ٣/ ٨٧- ٨٨) . وذلك في إحدى غزواته إلى الروم. والظاهر أنها في غزوة بحرية إلى أرض الروم، غير التي توفي فيها (حياة الصحابة، ١/ ٤٧١) . روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وروى عنه العديد من الصحابة والتابعين، وله مئة وخمسة وخمسين حديثا (الأعلام، ٢/ ٢٩٥) . ولزم الجهاد، وحرص عليه بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم وبقي مجاهدا حتى مات في غزاة القسطنطينية (٥١ هـ) التي قادها يزيد بن معاوية في خلافة أبيه. ومرض أبو أيوب فعاده يزيد، وسأله حاجته، فقال: حاجتي إذا أنا متّ فأركب واحملوني، فإذا صاففتم العدو (والمسلمون معه) ، ثم سغ بي في أرض العدو ما وجدت مساغا، فإذا لم تجد مساغا فادفني تحت أقدامكم حيث تلقون العدو. (حياة الصحابة، ١/ ٤٥٨- ٤٥٩) ، ففعلوا. (انظر: الإصابة، ١/ ٤٠٥، رقم ٢١٦٣. الاستيعاب، ١/ ٤٠٣) . ودفنوه عند سورها، ليعمل المسلمون على فتح ذلك المكان. وتم هذا أيام العثمانيين (٨٥٧ هـ ١٤٥٣ م) ، حيث فتحت القسطنطينية- عاصمة الدولة البيزنطية- في خلافة محمد (الثاني) الفاتح، وسميت إسطنبول (إسلام بول مدينة الإسلام) ، وهي من أهم مدن تركيا الحالية، حيث بنى الفاتح في ذلك الموضع مسجدا عند قبره، وهو اليوم من مساجد تركيا الشهيرة بتاريخها ومعمارها، حيث يرقد الصحابيّ الجليل- رضي الله عنه وأرضاه-. وحتى اليوم يعتبر مسجد أبي أيوب الأنصاري من معالم إسطنبول المعمارية الجميلة، فرضي الله عن أبي أيوب الأنصاري، وأرضاه.
(١) انظر: حياة الصحابة (١/ ٤٥٨) . كأنه يريد حثّ المسلمين على الوصول إلى مكان قبره، وفتح تلك المنطقة، والحمد لله قد تم ذلك، وغدت بلدا مسلما، وتلك المدينة عاصمة لقرون.

<<  <   >  >>